.................................................................................................
______________________________________________________
وحكى سيبويه قول بعض العرب (١) : ليس خلق الله أشعر منه ، وليس قالها زيد. والوجه في هذا أن يكون في ليس ضمير الشأن والجملة بعده خبر. وإلى الحديث الشريف والمثالين أشرت بقولي : وقد تدخل عليه ليس إن كان ضمير الشّأن أي إن كان ما خبره فعل ماض ضمير الشأن فقد تدخل عليه ليس ثم نبهت على أن ما سوى صار وما بعدها يجوز دخوله على ما خبره فعل ماض مطلقا وإن من النحويين من لا يجيز ذلك إلا بشرط اقتران الفعل الماضي بقد (٢) والصحيح جواز ذلك مطلقا وقد جاء ذلك في القرآن الكريم وغيره.
فمن الجائي في القرآن الكريم قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا)(٣) ، وقوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ)(٤) ، وقوله تعالى :(أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ)(٥) ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ)(٦) ، وقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي)(٧).
ومن الجائي في الشعر قول الشاعر :
٦٩٥ ـ وكان طوى كشحا على مستكنّة |
|
فلا هو أبداها ولم يتجمجم (٨) |
__________________
رجل فقال : يا رسول الله ، إني أصبت حدّا فأقمه عليّ ، قال : ولم يسأله عنه ، قال : وحضرت الصّلاة فصلّى مع النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فلما قضى النبي صلىاللهعليهوسلم الصّلاة قام إليه الرجل فقال : يا رسول الله إني أصبت حدّا فأقم فيّ كتاب الله قال :أليس قد صلّيت معنا ، قال : نعم. قال : فإنّ الله قد غفر لك ذنبك أو قال : حدّك».
(١) كتاب سيبويه (١ / ١٤٧) قال : «وقد زعم بعضهم أنّ ليس تجعل كما وذلك قليل لا يكاد يعرف فهذا يجوز أن يكون منه ليس خلق الله» ... إلخ.
(٢) قال أبو حيان : هو مذهب الكوفيين (التذييل والتكميل : ٤ / ١٥١).
(٣) سورة الأنفال : ٤١.
(٤) سورة يوسف : ٢٦.
(٥) سورة إبراهيم : ٤٤.
(٦) سورة الأحزاب : ١٥.
(٧) سورة الممتحنة : ١
(٨) البيت من بحر الطويل من معلقة زهير بن أبي سلمى المشهورة يتحدث فيها عن حصين بن ضمضم وكان بنو عبس قد قتلوا أخاه وأرادوا الصلح فلم يصالحهم وأضمر في نفسه الأخذ بالثأر.
اللغة : طوى كشحا : لم يطهر ما في نفسه. على مستكنّة : على أمر مكنون في صدره. لم يتجمجم : لم يتردد في أن يأخذ بالثأر.
والمعنى : أنه طوى شرّا في نفسه وهو الأخذ بالثأر ولم يتردد في تنفيذه فحارب وانتقم ، يقول بعده :
وقال سأشفي حاجتي ثمّ أتّقي |
|
عدوّي بألف من ورائي ملجم |
والشاهد فيه : دخول كان على ما خبره فعل ما من غير مقرون بقد.