[امتناع بعض الأفعال من مجيء الخبر ماضيا]
قال ابن مالك : (ولا تدخل صار وما بعدها على ما خبره فعل ماض وقد تدخل عليه ليس إن كان ضمير الشّأن ويجوز دخول البواقي عليها مطلقا خلافا لمن اشترط في الجواز اقتران الماضي بقد).
______________________________________________________
واعلم أنهم قالوا : إنما لم تتصرف ما دام لأنها في معنى ما لا يتصرف ، وذلك أنك إذا قلت : أفعل هذا ما دام زيد قائما كان في المعنى مثل قولك : أفعل هذا إن دام زيد قائما لأن الفعل المتقدم معلق على وجود الدوام في الموضعين ، فلما كانت في معنى شرط قد تقدم ما يدل على جوابه لم تكن إلا بصيغة الماضي لأن الفعل إذا كان كذلك إنما يكون بصيغة الماضي تقول العرب : أنت ظالم إن فعلت ولا تقول :أنت ظالم إن تفعل. وينسب هذا التعليل للفراء وفيه نظر (١).
قال ناظر الجيش : قال المصنف (٢) : صار وليس ودام وزال وأخواتها [٢ / ١٣] مستوية في عدم الدخول على مبتدأ خبره فعل ماض لأن ذلك مناف لما يراد منها (٣) وقد تدخل عليه ليس كما في قوله صلىاللهعليهوسلم : «ليس قد صلّيت معنا» (٤). ـ
__________________
(١) قوله : وفيه نظر أي إنه يجوز أن يستعمل لدام مضارع في معناها ولا يصح القياس قال أبو حيان (الشرح : ٤ / ١٤٧) : التعليل الذي ذكره الفراء لا يصح لأن ما المصدرية الظرفية توصل بالمضارع كما قال الشاعر (من الوافر) :
أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي |
|
...... |
إلخ وذكر الصبان أنه لا مانع أن يستعمل لدام مضارع قائلا : لعدم ظهور الفرق بين قولك لا أكلمك ما دمت عاصيا وقولك لا أكلمك ما تدوم عاصيا بل الصحيح عندي أن لها مصدر أيضا ... إلخ (حاشية الصبان على الأشموني : ٢ / ٢٣٠).
والتحقيق في المسألة : أنه لا يجوز استعمال المضارع من دام لأنه لا معنى له لأن مدة الدوام تنطبق على الماضي والحاضر والمستقبل والقرآن قد ورد بالماضي فقط في آياته (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا)[مريم : ٣١].
وقال ابن الدهان : لا يستعمل في موضع دام يدوم لأنه جرى كالمثل عندهم (الهمع : ١ / ١١٤).
(٢) شرح التسهيل (١ / ٣٤٤).
(٣) ذلك أن صار ومادام ومازال وأخواتها تعطي الدوام على الفعل واتصاله بزمن الإخبار والأفعال الماضية تعطي الانقطاع فتدافعا. وانظر توضيح ذلك قريبا من خلال الشرح.
(٤) الحديث في صحيح البخاري (٨ / ١٦٧) في كتاب المحاربين من أجل الكفر والردة باب إذا أقر بالحد ولم يبين : هل للإمام أن يستر عليه؟ ونصه : «عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : كنت عند النّبي صلىاللهعليهوسلم فجاءه