.................................................................................................
______________________________________________________
١٢٠٣ ـ زعم الغداف بأنّ رحلتنا غدا |
|
وبذاك خبّرنا الغراب الأسود |
لا مرحبا بغد ولا أهلا به |
|
إن كان تفريق الأحبّة في غد (١) |
ويروى الغراب الأسود ، على الإقواء.
والثاني : أن مقيلا اسم مفعول من قلته بمعنى أقلته أي : فسخت عقد مبايعته فاستعمله موضع متروك مجازا (٢) ، وهو قول ابن كيسان.
والجواب عن الثاني : بأن يجعل سيرها مبتدأ ويضمر خبر ناصب وئيدا كأنه قيل : ما للجمال سيرها ظهر وئيدا ، أو ثبت وئيدا ؛ فيكون حذف الخبر هنا والاكتفاء بالحال نظير قولهم : حكمك مسمطا (٣) ، وقد ينتصر لمجيز ارتفاع الفاعل بعامل متأخر بمثل قول الشاعر :
١٢٠٤ ـ فمتى واغل ينبهم يحيّو |
|
ه وتعطف عليه كأس السّاقي (٤) |
فيقال : واغل إما مرفوع بمضمر يدل عليه المتأخر أو بالمتأخر ، وارتفاعه بمضمر ممتنع لاستلزامه إعمال أداة الشرط في فعلين قبل الجواب ، وليس الثاني تابعا للأول فتعيّن ارتفاعه بالمتأخر.
والجواب : أن المحذوف في مثل هذا لما التزم حذفه وجعل المتأخر عوضا منه صار نسيا منسيّا ، فلم يلزم من نسبة العمل إليه وجود جزمين قبل الجواب.
على أنه لو جمع بينهما على سبيل التوكيد لم يكن في ذلك محذور ؛ فأن لا يكون محذور في تعليق الذهن بهما وأحدهما غير منطوق به ولا محكوم بجواز ـ
__________________
(١) البيتان من الكامل وهما للنابغة الذبياني وينظر فيهما الخصائص (١ / ٢٤٠) ، والتذييل (٢ / ١١٢١) ، برواية «البوارح» مكان «الغداف» ، والهمع (١ / ٩٩) ، والدرر (١ / ٧٥) وديوانه (ص ٣٨) طبعة بيروت.
والشاهد قوله : «خبرنا الغراب الأسود» ؛ حيث خفف ياء النسب لأجل الوقف وياء النسب هذه دخلت الصفة لأجل المبالغة وذلك على إحدى الروايتين في البيت ، والرواية الأخرى هو أنه يروى «الغراب الأسود» بضم الدال ، وقيل : إن الشاعر غير هذه الرواية إلى «وبذلك تنعاب الغراب الأسود» ولا شاهد على هذه الرواية.
(٢) خرج ابن عصفور هذا البيت في شرح الجمل (١ / ١٦٠) فقال : «فنحسه مرفوع بمقيل ، ومقيل مصدر وضع موضع اسم الفاعل ، كأنه قال : قائل نحسه ، ويكون معناه ومعنى متغيب واحد» اه.
(٣) فحكمك مبتدأ حذف خبره ؛ لسد الحال مسده أي : حكمك لك مثبتا. التصريح (١ / ٢٧١).
(٤) تقدم ذكره.