.................................................................................................
______________________________________________________
وأبي رجاء الجحدري بخلاف عنه : (فأصبحوا لا ترى إلّا مساكنهم) (١) ذكرها أبو الفتح بن جني (٢) وقال : إنها ضعيفة في العربية (٣) ، وإلى نحو هذا أشرت بقولي : وإن فصل بها فبالعكس ؛ أو إن فصل بإلا فالحذف أجود من لحاقها ثم بيّنت أن حكمها مع جمع التكسير ومع جمع المذكر بالألف والتاء حكمها مع الواحد المجازي التأنيث ولا اعتبار بواحده بل يستوي ما واحده مذكر كغلمان وبيوت ، وما واحده مؤنث كإماء ودور ، وكذا حكمها مع جمع المذكر بالألف والتاء كطلحات ، ودريهمات ، وحسامات حكمها مع واحده ، فعلى هذا لا يلحق في : قام الزيدون ، كما لا يلحق في : قام زيد ، ولا يحذف في : قامت الهندات ، كما لا يحذف في : قامت هند إلا في لغة من قال : قال فلانة ، وقد تقدم بسط القول في ذلك (٤) ، ثم بينت أن البنين والبنات حكم التاء معهما حكمها مع الأبناء والإماء ، فيقال : جاء البنون ، وجاءت البنون ، وجاء البنات ، وجاءت البنات ، كما يقال : جاء الأبناء ، وجاءت الأبناء ، وجاء الإماء ، وجاءت الإماء ؛ لأن نظم الواحد لم يسلم منها فجريا مجرى الجمع المكسر (٥) ، ثم بينت أن تاء الصفة الفارقة حكمها حكم تاء فعلت في اللزوم وعدمه فكما تلزم تاء : ذهبت جاريتك والشمس طلعت ، كذلك تلزم تاء : أذاهبة جاريتاك والشمس طالعة ، وكما جاز الوجهان في سمعت أذناك ، كذلك يجوز الوجهان في : أسامعة أذناك (٦) ، ثم بينت أن تاء المضارعة الدالة على التأنيث حكمها حكم تاء فعلت في جمع ما ذكر ، فكما قيل : ـ
__________________
(١) سورة الأحقاف : ٢٥.
(٢) ينظر : المحتسب (٢ / ٢٥٧ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦).
(٣) في المحتسب (٢ / ٢٦٦): «قال أبو الفتح : أما «ترى» بالتاء ورفع «المساكن» فضعيف في العربية ، والشعر أولى بجوازه من القرآن وذلك أنه ومن مواضع العموم في التذكير ، فكأنه في المعنى لا يرى شيء إلا مساكنهم ، وإذا كان المعنى هذا كان التذكير لإرادته هو الكلام فأما «ترى» فإنه على معاملة الظاهر والمساكن مؤنثة فأنث على ذلك» اه.
(٤) وينظر : الهمع (٢ / ١٧١).
(٥) ينظر : شرح الألفية لابن الناظم (ص ٨٦) ، والتوطئة (ص ٩٤) ، وشرح الألفية للمرادي (٢ / ١٤) ، والفصول الخمسون لابن معطي (ص ١٧٣) ، وأوضح المسالك (١ / ١٣٧).
(٦) في الكتاب (٢ / ٣٦): «فإن بدأت بنعت مؤنث فهو يجري مجرى المذكر إلا أنك تدخل الهاء ، وذلك قولك : أذاهبة جاريتاك ، وأكريمة نساؤكم ؛ فصارت الهاء في الأسماء بمنزلة التاء في الفعل إذا قلت : قالت نساؤكم ، وذهبت جاريتاك» اه. وينظر أيضا : (ص ٤٣ ، ٤٥) من الجزء نفسه.