ففصل بين المضاف والمضاف إليه ؛ لأن تقديره : بكفّ يهوديّ يوما ، وقال ذو الرمّة :
[٢٧١] كأنّ أصوات من إيغالهنّ بنا |
|
أواخر الميس أصوات الفراريج |
وقالت امرأة من العرب درنا بنت عبعبة الجحدريّة ، وقيل : عمرة الجشميّة :
[٢٧٢] هما أخوا في الحرب من لا أخا له |
|
إذا خاف يوما نبوة فدعاهما |
______________________________________________________
[٢٧١] هذا البيت من كلام ذي الرمة غيلان بن عقبة ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٩٢) وابن جني في الخصائص (٢ / ٤٠٤) ورضي الدين في باب الإضافة من شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٢ / ١١٩ و ٢٥٠) و «من» للتعليل ، والإيغال : الإبعاد ، تقول «أوغل في الأرض» إذا أبعد فيها ، والضمير يعود إلى الإبل ، والأواخر جمع آخرة الرحل ، وهي العود الذي يستند إليه الراكب ، والميس ـ بفتح الميم وسكون الياء. شجر تتخذ منه الرحال والأقتاب ، وإضافة الأواخر إليه على معنى من ، مقل الإضافة في قولهم : باب ساج ، وخاتم فضة ، والفراريج : جمع فروج ، وهو الصغير من الدجاج ، ويروى «إنقاض الفراريج» بكسر الهمزة ، والإنقاض : مصدر «أنقضت الدجاجة» أي صوتت ، ومحل الاستشهاد بالبيت هنا قوله «أصوات من إيغالهن بنا أواخر الميس» فإن قوله «أصوات» مضاف إلى قوله «أواخر الميس» وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه بالجارين والمجرورين اللذين هما قوله «من إيغالهن بنا» وأصل الكلام : كأن أصوات أواخر الميس أصوات الفراريج من إيغالهن بنا ، وسنذكر لك نظائر هذا مع شرح الشاهد الآتي.
[٢٧٢] هذا البيت لشاعرة من شواعر العرب من كلمة ترثي فيها أخوين لها ، وقد اختلف الرواة في تسميتها ، فسماها سيبويه والزمخشري وابن يعيش «درنا بنت عبعبة ، من قيس بن ثعلبة» وسماها أبو تمام في ديوان الحماسة عمرة الخثعمية ، وروى الخطيب التبريزي عن أبي رياش أن الصواب أن قائل الأبيات «درماء بنت سيار بن عبعبة الجحدرية» والبيت من شواهد سيبويه (١ / ٩٣) والزمخشري في المفصل (رقم ١٠٠ بتحقيقنا) وابن يعيش في شرحه (ص ٣٤٠) وابن جني في الخصائص (٢ / ٤٠٥) وابن الناظم ، وشرحه العيني (٣ / ٤٧٢ بهامش الخزانة) وأصل النبوة ـ بفتح النون وسكون الباء الموحدة ـ أن يضرب بالسيف فلا يمضي في الضريبة ، رثت أخويها فهي تقول : لقد كانا لمن ليس له أخ في الحرب ولا ناصر يأخذ بيده أخوين : ينصرانه إذا دهمه العدو ، ويأخذان بيده إذا غشيه الهول فخاف ألا يستطيع دفع الهلاك عن نفسه ، ومحل الاستشهاد بالبيت قوله «أخوا في الحرب من لا أخا له» فإن قوله «أخوا» مثنى الأخ مضاف إلى الاسم الموصول وهو قوله «من» وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه بالجار والمجرور الذي هو قوله «في الحرب» وأصل الكلام : هما أخوا من لا أخا له في الحرب ، ونظيره ـ فيما رأى ابن مالك ـ الحديث «هل أنتم تاركو لي صاحبي» فإن قوله صلىاللهعليهوسلم «تاركو» مضاف وقوله «صاحبي» مضاف إليه ، وقد فصل بينهما بالجار والمجرور الذي هو قوله «لي» ونظيره قول الشاعر :
لأنت معتاد في الهيجا مصابرة |
|
يصلى بها كل من عاداك نيرانا |