.................................................................................................
______________________________________________________
وأقول : ليس في كلام ابن السّرّاج ، ولا فيما أشار [٣ / ٢٩] إليه المصنّف من امتناع : (صهلت الخيل إلا البعير) ما يقتضي تقدير دخول المستثنى المنقطع في المستثنى منه ، غاية ما يلزم أن يكون للّفظ الأول دلالة عليه ، أو إشعار به ، وقد قال هو في شرح الكافية : المراد بذلك ما هو من مألوفات المذكور ، كالمتاع وآثار المكان ممّا يستحضر بذكر ما قبل أداة الاستثناء فلذلك يحسن استثناء الحمار ، ونحوه ممّا يألفه الناس ، ولا يحسن استثناء الذئب ونحوه مما لا يألفه الناس ويحسن استثناء الظّن بعد ذكر العلم ، ولا يحسن استثناء الأكل ، ونحوه (١).
المبحث الثّامن :
ذكر المصنف ـ على مقتضى تقريره في المنقطع ـ صورا ؛ منها : تقدير دخول الثّاني في الأول ، كقوله تعالى : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ)(٢) ، فالظنّ مستحضر بذكر العلم لقيامه مقامه في كثير من المواضع (٣).
ومنها : الفائق ما قبله مع اتحاد الجنس نحو : له عليّ ألف إلا ألفين ، ووجهه أنّ المقرّ إذا اقتصر على مقدار بمنزلة المنكر غيره فكأنّه قال : له عليّ ألف ، لا غير ، إلّا ألفين ، فهما مخرجان تقديرا ، ذكر ذلك الفراء (٤).
وأقول : هذا الكلام ـ من الفرّاء ـ إنّما أتى به على قاعدته ، في المستثنى الفائق للمستثنى منه ، وستأتي.
ومنها : قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ)(٥) ؛ لأن العباد المضافين هم المخلصون (٦) فلم يكن الغاوون فيهم ، فالتقدير ـ والله أعلم ـ : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ولا غيرهم إلّا من اتبعك ، وقد يجعل ـ
__________________
(١) شرح الكافية لابن مالك (٢ / ٧٠٢) تحقيق د / عبد المنعم هريدي.
(٢) سورة النساء : ١٥٧.
(٣) فإنّ الظن وإن لم يدخل في العلم تحقيقا ؛ لأنه ليس منه ، فإنّه في تقدير الداخل فيه إذ هو مستحضر بذكره ، لقيامه مقامه في كثير من المواضع ، فهو حين استثني مخرج مما قبله تقديرا. ينظر الهمع (١ / ٢٢٣) ، والمساعد لابن عقيل (١ / ٥٤٨).
(٤) معاني القرآن للفراء (٢ / ٢٨).
(٥) سورة الحجر : ٤٢.
(٦) وهذا معنى ما في الهمع (١ / ٢٢٣) حيث قال : إذا لحظ في الإضافة معنى الإخلاص.