الباب الخامس والسبعون
باب التّصغير
[تعريف التصغير وبيان أغراضه وصيغه وشروطه وكيفيته]
قال ابن مالك : (يصغّر الاسم المتمكّن الخالي من التّوغّل في شبه الحرف ، ومن صيغ التّصغير وشبهها ، ومنافاة معناه ، بضمّ أوّله وفتح ثانيه ، وزيادة ياء ساكنة بعده ، يحذف لها أوّل ياءين ولياها ، ويقلب ياء ما وليها من واو وجوبا إن سكنت أو اعتلّت أو كانت لاما ، واختيارا إن تحرّكت لفظا في إفراد وتكسير ولم تكن لاما).
______________________________________________________
الشّرح : يشير ابن مالك إلى تصغير الاسم ؛ لأن التصغير هو تحويل بنية الكلمة لغرض ؛ إما التحقير لما يتوهم أنه عظيم نحو : زييد وعمير ورجيل وأسيد ، أو تقليل الكثير نحو : دريهمات ودنينير ، أو تقريب ما يتوهم أنه (١) بعيد نحو : بعيد المغرب وقبيل العشاء ، وزاد الكوفيون التعظيم كقول لبيد :
٤٢٨٠ ـ وكلّ أناس سوف تدخل بينهم |
|
دويهية تصفرّ منها الأنامل (٢) |
فقد صغر الداهية ، وهي الموت ، ولا داهية أعظم منه ، فيكون تصغيرها للتعظيم ويدخل فيه التصغير المفيد للعطف والتلطف نحو : يا بنيّ ، يا أخيّ ، يا صديّقي. ثم ذكر شروط الاسم الذي يراد تصغيره ، بأنه لا بد أن يكون المصغر اسما ، فلا تصغير للأفعال والحروف ؛ لأن التصغير وصف في المعنى ، والفعل والحرف لا يوصفان ، ولا بد أن يكون المصغر غير متوغل في شبه الحرف ، فلا تصغير للمضمرات ولا الموصولات نحو : من وكيف ومتى وأين ، إلا ما شذ منها ، وأن يكون خاليا من صيغ التصغير نحو : كميت وكعيت ـ البلبل ـ ، وكذا مثل شبه صيغة التصغير كقليل ؛ لأن معنى التصغير فيه ، وأن يكون قابلا للتصغير بأن لا ينافيه ، فلا يصغر مثل كبير وجسيم ، وكذلك أسماء الله وأنبيائه وملائكته ، ولا جمع الكثرة ، ولا أسماء ـ
__________________
(١) انظر الشافية (١ / ١٨٩).
(٢) البيت من الطويل والشاهد فيه : تصغير داهية على دويهية للتعظيم على رأي الكوفيين ، وانظر الشافية (١ / ١٩١).