مقدّمة
لنهضة الحسين (عليه السّلام) تاريخ مجيد حافل بكلّ مثل رائع من أمثلة التضحية وضروب الفخر ، دوّنها المؤرّخون في مؤلفاتهم وكتبهم ، وها هي ذي بين أيدينا قد جاوزت في عدّها المئات.
ولم يكتب عن شخصية ما بقدر ما كتب عن شخصية (سيّد شباب أهل الجنّة) ، كما إنّه ما رُثي أحد قطّ بمثل ما رُثي به الحسين (عليه السّلام) من لدن شهادته حتّى اليوم.
نعم ، ألّف العلماء في ترجمة حياته (عليه السّلام) من ولادته ونشأته المباركة وحياته الطيّبة حتّى يوم مصرعه ؛ وأهمّها السنّة التي سبقت شهادته ـ سنة ستين من الهجرة ـ حتّى يوم العاشر من المحرّم من سنة إحدى وستين.
هذا وقد اهتمّ المؤلّفون بواقعة الطفّ أشدّ اهتمام لفاجعتها البكر ، والتي لم يحدّثنا التاريخ عن مثلها فاجعة. وأيم الحقّ ، إنّ واقعة الطفّ جاءت لطخةً سوداء مشوّهة في تاريخ أُميّة ؛ تلك الوقعة التي هدّت عرش يزيد ، ودكّت قواعد ملكه ، وأودت به إلى الجحيم مخلّداً فيها مع أشياخه.
وقد كتب أرباب التاريخ عن جلّ نواحي هذه الكارثة ، ولكنّهم لم يفردوا مؤلّفاً خاصاً يحقّق لنا المحجّة التي سلكها (عليه السّلام) ، والمنازل التي مرّ بها ونزلها ، أو اجتازها إلى غيرها في طريقه من الحجاز إلى العراق ، أي ـ من مكّة المكرّمة إلى الطفّ ـ حيث تربته الزكية.
ولقد ذُكر في بعض الكتب أسماء منها ، لكنّها غير متسلسلة ، وأُغفل الكثير منها