(٤٥٨) فيه الرّماح وفيه كلّ سابغة |
جدلاء محكمة من نسج سلّام |
البيت منسوب للحطيئة في ديوانه. قال صاحب الأغاني : قدم حمّاد الراوية البصرة على بلال بن أبي بردة وهو عليها ، فقال له : ما أطرفتني شيئا يا حماد ، فعاد إليه فأنشده قول الحطيئة في أبي موسى ، فقال له : ويحك أيمدح الحطيئة أبا موسى وأنا أروي شعره كله ، ولا أعلم بهذه؟ أذعها ، تذهب في الناس.
والسابغة : الدرع الضافية. والجدلاء : الدرع المحكمة النسيج. وسلّام : هو سليمان بن داود عليهماالسلام. وفيه الشاهد : قال السيوطي : ومن الضرائر : العدول عن صيغة لأخرى. وأنشد شطر البيت ، وقال : أي : سليمان.
قال أبو أحمد : وهذه من أقبح الضرائر التي قرأتها. بل هما ضرورتان في اسم واحد : أولاهما : كونه قال «سلّام» بدل سليمان. وهذه غاية في اللبس. وسلّام : صيغة عربية وسليمان : صيغة أعجمية ، ولا يخطر إلى ذهن القارئ أن يكون سلّام ، هو سليمان. والثانية : أن سليمان عليهالسلام لم يشهر بصناعة أدوات الحرب ، وإنما كانت الشهرة لأبيه ، كما جاء في القرآن. وإنما شهر سليمان بالبناءات العظيمة ، لأن الله سخّر له الجنّ ، ولذلك نسب إليه النابغة بناء تدمر فقال : (يبنون تدمر بالصفّاح والجمد). قلت : سلّام : عدل بها عن الصيغة العربية لسليمان ، ولكنه لم يبعد كثيرا عن الصيغة العبرية ـ لأن اسمه بالعبرية (شلومو) ولعلها تعني السلام ، ومنها (أور ـ شليم) لمدينة القدس ، ومعناها مدينة السلام. وقد تبيّن أن من ينسب صناعة السلاح إلى (سليمان) يريد أباه داود ، ففي لسان العرب ذكر بيت الحطيئة وذكر قول النابغة «ونسج سليم كلّ قضّا ذائل» قال : أراد نسج داود فجعله سليمان ثم غير الاسم فقال : سلّام ، وسليم» ولكن «سليم» تشبه الترخيم ، مع أن الترخيم لا يكون إلا في المنادى المضموم. [الهمع ج ٢ / ١٥٦ ، واللسان ـ جدل ، وسلم].
(٤٥٩) هلّا تمنّن بوعد غير مخلفة |
كما عهدتك في أيام ذي سلم |
البيت لم نعرف قائله.
والشاهد : «هلا تمنّن» حيث أكد الفعل بنون التوكيد الخفيفة بعد حرف التحضيض ، الدال على الطلب ، وأصله «تمنين» خطاب للمؤنث فلما دخلت عليه هلّا التي للطلب