فرفع الجواب مراعاة لأصله وهو التقديم ، وأجاب البصريون بأن هذا المتقدم جملة مستقلة دلت على الجزاء وليس بجزاء ، إذا لزم جزمه حيث يكون مضارعا نحو : (أكرمك إن تكرمني) ، جوازا دخول الفاء في (أنت طالق إن دخلت الدار) ، وجواز تقدم معموله نحو : (زيد إن تضرب أضرب) ، وأجاب الكوفيون (١) بأن الجزم لا يكون إلا في الجزاء المتأخر ، فأما إذا تقدم بطل العمل ، لأن عامله إن كان الحرف بطل عمله مع التقدم ، وإن كان المجاورة فشرطها التبعية ، وأما الفاء عوض عن الجزم وإن كان غير مقدر ، ولأنها عاطفة في المعنى ، وإذا تقدم الجزاء لم يمكن العطف ، وأما جواز تقدم معموله فنحن نلتزمه.
قوله : (ف (إن) للاستقبال [وإن دخل على الماضي](٢)) يعني أن يجعل الفعل الذي تدخل عليه مستقبلا سواء كان الفعل ماضيا نحو : (إن قمت قمت) أو مضارعا مثبتا نحو : (إن تقم أقم) أو منفيا نحو : (إن لم تقم لم أقم) ، وأجاز المبرد بقاءها على المعنى إذا دخلت على (كان) في بعض المواضع ، نحو : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ)(٣). وبعضهم أجازه في غير (كان) نحو :
[٨٢٥] أتجزع إن أذنا قتيبة حزتا (٤) |
|
... |
__________________
(١) ينظر الجنى الداني ٢٢٣.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة في الكافية المحققة.
(٣) المائدة ٥ / ١١٦.
(٤) صدر بيت من الطويل ، وعجزه :
جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم
وهو للفرزدق في ديوانه ٢ / ٣١١ ، وينظر الكتاب ٣ / ١٦١ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٢١٨ ، وشرح المصنف ١٣١ ، والجنى الداني ٢٢٥ ، ومغني اللبيب ٣٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٨٦ ، وهمع الهوامع ٤ / ١٤٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ٢٠ ، ويروى ابن مالك بدل ابن خازم.
والشاهد فيه قوله : (أتغضب أن إذنا قتيبة) حيث جاءت (أن) بمعنى (إذ) وقيل : هي مصدرية. وقال المبرد :
هي مخففة من (أنّ) لأن الكسر يوجب أن أذني قتيبة لم تجزا بعد ، والشاعر الفرزدق لم يقل هذا إلا بعد قتله وحز أذنيه.