ناب منابه ، نحو : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١) فانتفاء الفساد دليل على انتفاء الآلهة لا العكس. لأن المراد بالفساد اختلال نظامها ، وجائز أن يفعله الله وإن كان واحدا واعترضه صاحب البرود بوجهين :
أحدهما : أن السبب قد يكون له حكمان متعاقبان ، فإذا انتفى أحدهما لم يلزم انتفاء السبب ، كالزنا فإنه يكون سببا في الرجم والجلد على قول من لا يجمع بينهما ، فإذا انتفى الرجم لعدم شرطه لم يلزم انتفاء الزنا ، فإن قال : أردت انتفاء كل ذا مسبب لهذا السبب انتفاء السبب ، قلنا وهم أرادوا إذا انتفى كل سبب لهذا المسبب انتفى المسبب.
الثاني : أن المسبب تابع للسبب في الثبوت فينبغي أن انتفاء الأصل على لانتفاء الفرع أولى من أن يكون انتفاء الفرع علة في انتفاء الأصل هذا في الثبوت ، وأما العلم فإنه يستدل لكل واحد منهما على الآخر انتهى. وما ذكره المصنف (٢) والنحاة من أن (لو) موضوعة لانتفاء جوابها لأجل امتناع شرطها أو العكس على كلام المصنف غير مطرد في نحو قوله تعالى : (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا)(٣) فالتولي حاصل منهم مع الإسماع ومع عدمه ، وشرط (لو) مثبت ، وقوله : (وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ)(٤) فالاستجابة منتفية وشرطها مثبت وقولك في صهيب : «نعم العبد صهيب ، لو لم يحب الله لم
__________________
(١) الأنبياء ٢١ / ٢٢ وتمامها : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).
(٢) ينظر شرح المصنف ١٣١.
(٣) الأنفال ٨ / ٢٣ وتمامها : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ).
(٤) فاطر ٣٥ / ١٤ وتمامها : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ)(وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).