قوله : (وأمّا) إنما عدّها من حروف الشرط ، لأنّ فيها معناه بدليل لزوم الفاء في خبرها ، ولا يجوز حذفها إلا إذا كان جوابها محكيا بالقول نحو :(فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ)(١) أو في ضرورة شعر ، نحو :
[٨٣٦] فأما القتال فلا قتال لديكم (٢) |
|
... |
قوله : (للتفصيل) يعني تفصيل ما أجمله المخاطب ، نحو قولك : (أما زيد فقائم وأما عمرو فقاعد) ، وليس التفصيل فيها لازم على الأصح ، بل لا مانع من أن نقول : (أما زيد فقائم) وتسكت ، قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ)(٣) تقديره : (وأما الراسخون في العلم فيقولون : فحذفت الفاء من (يقولون) لأنّ حذفها جائز عندهم في السعة.
قوله : (والتزم حذف فعلها) يعني شرطها لأن الأصل عند سيبويه (٤) في قولك : (أما زيد فقائم) ، (مهما يكن من شيء فزيد قائم) (٥) فلما كثر استعمالها في الكلام ، ودورها لأنها موضوعة للتفصيل وهو يستدعي تكرارها ، أرادوا تخفيفها ، فالتزموا حذف شرطها وهو : (يكن من شيء) ثم حذفوا (مهما) وعوّضوا عنها (أمّا) لأنها أخف فصار الكلام ، (أما فزيد
__________________
(١) آل عمران ٣ / ١٠٦ ، وتمامها : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
(٢) سبق تخريجه ص ١٧٥.
(٣) آل عمران ٣ / ٧ ، وتمامها : (... فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ...).
(٤) ينظر الكتاب ٤ / ٢٣٥.
(٥) ينظر الجنى الداني ٥٢٢.