المقدّمة
ما زلنا ندرّس النحو العربيّ ، بمصطلحاته وأبوابه وتفريعاته ، كما كان يدرّس منذ أكثر من ألف سنة في مساجد البصرة والكوفة وبغداد. ورغم كثرة المحاولات التي رامت إلى تبسيطه وتيسيره ، لتجعله أقرب تناولا بالنسبة إلى طلاب اليوم ، فإنّ هذه المحاولات ظلّت حبرا على ورق ، إذ لم يتسنّ لها مجمع لغويّ ، أو حكومة عربيّة تخرجها من حيّز التنظير إلى التطبيق العمليّ.
والنحو العربيّ بات صعبا على طلابنا ، يتعلّمونه ، وكأنّه فرض ثقيل واجب عليهم مع كثير من التبرّم والنفور. وقد وجدت أنّه ، إن لم يقبل العرب ، حتى الآن ، أيّ محاولة لتبسيط النحو وتيسيره ، فهم ، ولا شك ، يرحّبون بأيّ محاولة تسهّل البحث في مسائله ، والعودة إلى مصطلحاته وأبوابه ، كلّما استغلق عليهم أمر من أموره. والواقع أنّني سبقت ببعض المحاولات في هذا المجال ، لكنّ كتابي هذا أكثر شموليّة وتبسيطا من هذه المحاولات. ومما شجّعني على وضعه ما لا حظته من شدّة إقبال الطلاب على كتابي «معجم الإعراب والإملاء» (١) الذي تناولت فيه مسائل الإعراب والإملاء بشكل معجميّ أيضا.
أمّا تسمية كتابي بـ «موسوعة النحو والصرف والإعراب» ، ففيها بعض التجوّز والتضييق لمفهوم «الموسوعة» ، فمن المعروف أنّ الموسوعة في علم من العلوم تضمّ ، إلى جانب ما تضمّه من مسائل هذا العلم ومصطلحاته ، أعلام هذا العلم مع نبذة عن حياتهم وأبحاثهم ومؤلّفاتهم.
والواقع أنني ، عند ما بدأت بتقميش كتابي هذا ، وضعت أسماء الأعلام ضمن موادّه ، لكنّني فوجئت بالكثرة الكاثرة من النحويّين العرب على امتداد تاريخيّ يزيد على الألف سنة ، ووجدت أن طالب المعرفة يستطيع الرجوع إلى الموسوعات العامّة ، أو إلى كتب الأعلام ، إن أراد معرفة
__________________
(١) صدر عن دار العلم للملايين. بيروت. الطبعة الأولى ١٩٨٣ م ، والطبعة الثانية المنقحة ١٩٨٥ م.