١٢ ـ وختم الآية بذكر الله ثلاث مرات متعاقبة ، لإدخال الروع في القلوب ، وإحداث المهابة في النفوس ، وترسيخ الحكم في الأذهان ، والإشعار بأنه تعالى مطلع على السرائر ، لا تغرب عنه همسات القلوب ، وخلجات الضمائر.
الفوائد :
مثّل الزمخشري لقوله تعالى : «أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى» بقولهم : أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه ، وأعددت السلاح أن يجيء عدو فأدفعه. فكأنه قيل : إرادة أن تذكر إحداهما الأخرى. وتساءل التفتازاني في حواشيه على الكشاف فقال : «ومما ينبغي أن يتعرض له وجه تكرّر «إحداهما» ولا خفاء في أنه ليس من وضع المظهر موضع المضمر ، إذ ليست المذكورة هي المناسبة إلا أن يجعل «إحداهما» الثانية في موقع المفعول ، ولا يجوز تقدم المفعول على الفاعل في موضع الإلباس. نعم يصح أن يقول : «فتذكر الأخرى» فلا بد للعدول من نكتة». ولم يتعرض التفتازاني للنكتة ، وترك قارئه في حيرة من أمره. على أن الدماميني ذكر في شرح المغني أن المقصود هو كون التذكير من إحداهما للأخرى كيفما قدّر لا يستقيم إلا كذلك ، ألا ترى أنه لو قيل : أن تضلّ إحداهما فتذكرها الأخرى ، وجب أن يكون ضمير المفعول عائدا على الضالة ، فيتعيّن لها ، وذلك مخل بالمعنى المقصود ، لأن الضالة الآن في الشهادة قد تكون هي الذاكرة لها في زمان آخر ، فالمذكرة حينئذ هي الضالة ، فإذا قيل : فتذكرها الأخرى لم يفد ذلك لتعيّن عود الضمير الى الضالة. وإذا قيل : فتذكر إحداهما الأخرى ، كان مبهما في واحدة