فأوغل في التشبيه إيغالا بتشبيه ما يتناثر من فتات الأرجوان بحب الفنا الذي لم يحطم ، لأنه أحمر الظاهر أبيض الباطن ، فإذا لم يحطم لم يظهر فيه بياض البتة ، وكان خالص الحمرة. وتبعهما الأعشى فقال يصف امرأة :
غرّاء فرعاء مصقول عوارضها |
|
تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل |
فأوغل بقوله : «الوحل» بعد أن قال : «الوجي» وكان الرشيد كثير العجب بقول صريع الغواني :
إذا ما علت منّا ذؤابة شارب |
|
تمشّت به مشي المقيّد في الوحل |
ويقول : قاتله الله ما كفاه أن جعله مقيدا حتى جعله في وحل.
٢ ـ إيغال احتياط :
وهو أن يستكمل المتكلم معنى كلامه قبل أن يقطعه ، فإذا أراد الإتيان بذلك أتى بما يفيد معنى زائدا تتمة للمبالغة ، كقوله تعالى : «ولا تسمع الصم الدعاء» ، ثم علم عز وجل أن الكلام يحتاج الى فاصلة تماثل مقاطع ما قبلها وما بعدها فأتى بها تفيد معنى زائدا على معنى الكلام حيث قال : «إذا ولّوا مدبرين». فإن قيل : ما معنى مدبرين؟ وقد أغنى عنها ذكر التولي؟ قلنا : ذلك لا يغنى عنها ، إذ التولي قد يكون بجانب دون جانب ، كما يكون الإعراض. وسيأتي المزيد منها عند الكلام على سورة النمل إن شاء الله تعالى.