بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة الافتتاح للدسوقي
______________________________________________________
الحمد لله العلى الأعلى ، موجد الأشياء بعد فنائها ، فله المجد الأسنى ، أحمده على ما ألهمناه من معانى البيان ، وعلمنا من لوامع التبيان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الملك المنان ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان ـ صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين أعجزوا ببلاغتهم فرسان البلغاء فى كل ميدان ؛ وبعد : فيقول العبد الفقير المضطر لإحسان ربه القدير ، محمد بن عرفة الدسوقى ، نظر الله بعين لطفه إليه ، وغفر له ولوالديه : هذه فوائد شريفة ، وتقييدات لطيفة ، على شرح العلامة الثانى سعد الملة والدين التفتازانى لتلخيص" المفتاح" ، اقتطعتها من تقارير مشايخنا المحققين ، ومن زبد أرباب الحواشى والشارحين ، وإن لم أكن من فرسان هذا الميدان ، لكن رجوت العفو بدعوة صالح من الإخوان ، وبالله أستعين ، وعليه التكلان ، فى سلوك سبيل الرشاد فى كل شان.
[القول فى البسملة] :
قال ـ نفعنا الله به (١) ـ : (بسم الله الرحمن الرحيم) ، ينبغى التكلم على هذه الجملة بما يتعلق بها من الفنون الثلاثة التى صنّف فيها هذا الكتاب كما هو اللائق بالشارع فى كل فن ؛ لما قيل : إن ترك التكلم عليها إما تقصير أو قصور ، فنقول : يتعلق بها من فن المعاني ـ وهو الباحث عن مقتضيات الأحوال ـ مبحثان :
الأول : أن مقتضى الحال تقدير المتعلّق مؤخّرا ؛ لإفادة الاهتمام باسمه تعالى ؛ لأن المقام مقام استعانة بالله ، ولإفادة القصر.
والقصر : إما قصر إفراد ، وهو يخاطب به من يعتقد الشركة ، وقصر قلب ، ويخاطب به من يعتقد العكس ، وقصر تعيين ، ويخاطب به الشاك.
__________________
(١) المراد : نفعنا بعلمه ، يقصد العلامة التفتازاني.