.................................................................................................
______________________________________________________
فالقصر هنا ينظر فيه لأحوال المخاطبين : فهو قصر قلب إن كانوا يعتقدون أن البركة تحصل بالابتداء بغير اسم الله سبحانه وتعالى. وقصر إفراد إن اعتقدوا أنها تحصل بالابتداء باسم الله واسم غيره. وقصر تعيين : إن شكوا فى حصول البركة بأىّ. لكن هذا الثالث بعيد.
المبحث الثانى : أن مقتضى الحال قطع الصفات ، أعنى الرحمن الرحيم ؛ لأن المقام مقام ثناء ، وقد نصوا على أن النعوت إذا كان المقصود منها المدح فالأولى قطعها ؛ لأن فى قطعها دلالة على أن المنعوت متعيّن بدونها ، وإنما أتى بها لمجرد المدح ، لكن لا يخفاك أن الوارد فى القرآن والسنة الإتباع ، وحينئذ فتكون مخالفة مقتضى الحال ؛ لما فى الإتباع من الجرى على الأصل ؛ إذ الأصل عدم القطع ، ثم إذا قطعت تلك الصفات على تقدير (هو) ، أو (أعنى) كانت الجملة مفصولة ، فيقال : ما سبب الفصل دون الوصل؟ فيقال : سببه أنه لم يقصد التشريك بين الجملتين فى حكم من الأحكام المقتضى ذلك للوصل ، أو يقال : سببه أن بين الجملتين كمال الانقطاع ؛ وذلك لأن جملة" أؤلف باسم الله" خبرية بالنظر لصدرها ، وجملة" هو الرحمن" مثلا لإنشاء المدح ، ومتى كان بين الجملتين كمال انقطاع تعين الفصل ، كما يأتى إن شاء الله تعالى.
وأما ما يتعلق بها من علم البيان ـ الباحث عن حال اللفظ من حيث الحقيقة والمجاز والكناية ـ فخمسة مباحث :
الأول : " الباء" حقيقتها الإلصاق ، وهو حقيقى ك" أمسكت بزيد" إذا قبضت على شيء من جسمه أو على ما يحبسه من يد أو نحوه ، ومجازى نحو" مررت بزيد" أى ألصقت مرورى بمكان يقرب من زيد ، وهى هنا للاستعانة ، وحيث كانت هنا كذلك فتكون استعارة تبعية ، وتقريرها أن يقال : شبه الارتباط على وجه الاستعانة بالارتباط على وجه الإلصاق بجامع مطلق الارتباط فى كلّ ، فسرى التشبيه للجزئيات ، فاستعيرت الباء الموضوعة للإلصاق الجزئى للاستعانة الجزئية على طريق الاستعارة التبعية ، ولك أن تجعلها من قبيل المجاز المرسل علاقته الإطلاق ، والتقييد ، وذلك أن الباء