.................................................................................................
______________________________________________________
موضوعة للارتباط المقيد بالإلصاق فأطلقت عن ذلك ، واستعملت فى الارتباط على وجه الاستعانة ، فهو مجاز مرسل بمرتبتين علاقته ما ذكر. هذا إذا كان استعمال الباء فى الاستعانة من حيث خصوصها ، وأما إن كان الاستعمال فيها من حيث إنها جزئى من جزئيات مطلق ارتباط كان المجاز بمرتبة وهى الإطلاق على ما فيه من الخلاف ، ثم حيث نقلت الباء من معناه الأصلى ، وهو الإلصاق للاستعانة ، فحق الاستعانة أن تكون بالذات لا بالاسم ، وهنا قد جعلها بالاسم فيكون ذلك مجازا على مجاز ، أما المجاز المبنى عليه فقد علمته ، وأما المبنى فتقريره أن يقال : شبه الارتباط الواقع بين مطلق مستعان فيه واسم المستعان به ، بالارتباط الواقع بين مطلق مستعان فيه وذات المستعان به ، فسرى التشبيه للجزئيات ، فاستعيرت الباء الموضوعة للارتباط بين المستعان فيه ونفس المستعان به الخاصين للارتباط بين المستعان فيه واسم المستعان به الخاصين ، على طريق الاستعارة التبعية. هذا وقد وقع خلاف فى بناء المجاز على المجاز : فقال بعضهم بمنعه ؛ لأن فيه أخذ الشىء من غير مالكه ؛ لأن الحق فى اللفظ إنما هو للمعنى الحقيقىّ والمجازىّ أخذه تطفلا ، وقال بعضهم بالجواز ؛ لأن اللفظ لما نقل للمعنى المجازى بالعلاقة صار كأنه موضوع له خصوصا ، وقد قالوا : إن المجاز موضوع بالوضع النوعى ، وجعل من ذلك قوله تعالى : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا)(١) ، فإن السر ضد الجهر ، ثم أطلق على الوطء مجازا ؛ لأنه لا يكون غالبا إلا سرّا ، ثم استعمل اللفظ فى سببه وهو العقد ، وحينئذ فاستعمال السر فى العقد مجاز مبنى على مجاز. ثم اعلم أنه على القول بالجواز تعتبر علاقة المجاز الثانى بينه وبين المجاز الأول ، لا بينه وبين المعنى الحقيقى.
المبحث الثانى : الجار والمجرور فى البسملة متعلّق بمحذوف ، وحينئذ ففيها مجاز بالحذف بناء على قول من يقول : إن الحذف مجاز مطلقا ، وأما على قول من يقول : ليس بمجاز مطلقا ، وكذا على قول من يقول : إنه مجاز إذا تغير بسببه إعراب الباقى
__________________
(١) البقرة : ٢٣٥.