.................................................................................................
______________________________________________________
مرسل تبعى ؛ لأن التجوز فيهما تابع للتجوز فى أصلهما. وذكر بعضهم أنه يصح أن يكون فى الكلام استعارة تمثيلية بأن يقال : شبه حال الله مع عباده فى إيصاله لهم بجلائل النعم ودقائقها ، بحال ملك رق قلبه على رعيته فأوصلهم إنعامه ، بجامع أن كلّا حالة عظيم مستول على ضعفى ممدّ لهم بإحسانه ، واستعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه. وأورد عليه أن اللفظ المستعار فى التمثيلية لا بد أن يكون مركّبا كما فى" إنى أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى" وما هنا مفرد ، وأجيب : بأنه يجوز أن يقتصر على بعض المفردات ، ويرمز به إلى المركب على أن المشترط فى اللفظ منها إنما هو مطلق تركيب ، وهو حاصل ب" الرحمن الرحيم" وليس بلازم أن يكون تركيب جملة.
واعترض بأن المشبه به شأنه أن يكون أقوى من المشبه ، وجعل حال الملك أقوى من حال الله لا يتم ، وأجيب بأنه ليس المراد القوة بحسب الحقيقة ونفس الأمر فقط ، بل القوة ولو بالاعتبار كما هنا ، فحال الملك باعتبار مشاهدتها للقاصرين أقوى ، واعترض أيضا بأن استعارة اللفظ من شيء لشيء تقتضى استعمال اللفظ فى المستعار منه ، وقد نصوا على أن" الرحمن الرحيم" مختصان بالله ولم يستعملا فى غيره ، وأجيب بأن الاستعمال فى المستعار منه ليس بلازم ، بل يكفى الوضع للمستعار منه الذى هو المعنى الحقيقى ، ولذا قال الشارح بجواز وجود مجازات لا حقائق لها.
وأما ما يتعلق بها من البديع : فاعلم أن فيها التورية ، وهى أن يطلق لفظ له معنيان : قريب وبعيد ، ويراد البعيد اعتمادا على قرينة خفية ، فقد أطلقت الرحمة وأريد بها التفضل والإحسان ـ الذى هو معنى بعيد لها ؛ لأنه مجازى ـ اعتمادا على قرينة خفية ، وهو استحالة المعنى القريب الذى هو الرقة.
وفيها أيضا القول بالموجب ، ويقال له : المذهب الكلامى ، وهو أن يساق المعنى بدليله ، كما فى قوله (١) :
__________________
(١) هو من البسيط وهو ترجمة لبيت فارسى ، والجوزاء برج فى السماء ، وحولها نجوم تسمى نطاق الجوزاء. الإيضاح الفقرة ٢٤٦. ص ٣٢٤ تحقيق د / عبد الحميد هنداوى.