التفتازانى ـ هداه الله سواء الطريق ، ...
______________________________________________________
فرض عدم التضمين تجعل الباء زائدة للتأكيد لا للتقوية ؛ لأن الباء تزاد فى مواضع ، منها المفعول كما فى قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(١) ؛ فاندفع ما نقل عن الشارح من أن الأولى المدعو لسعد باللام ؛ لأن الدعاء بمعنى التسمية إنما يتعدى لمفعوليه بنفسه ، والشائع زيادته للتقوية اللام لا الباء ١٠ ه.
وقد يقال فى ردّه ـ زيادة على ما مر ـ : إن زيادة اللام للتقوية إنما ثبتت فى المفعول الأول لا الثانى ، فلا يقال : زيد معط عمرا للدراهم (٢) ، تأمل. ثم إنّ قوله : (المدعو بسعد) أصله بسعد الدين فحذف جزء العلم اختصارا ؛ للعلم به بواسطة الشهرة ، وتأدبا فى كون الدين سعد به ، والتصرف فى العلم شائع على التحقيق.
(قوله : التفتازاني) بالجر صفة لسعد ، أو بالرفع صفة لمسعود ، نسبة لتفتازان قرية من أعمال خراسان ، ـ ولد رحمهالله تعالى ـ سنة اثنتى عشرة وسبعمائة بتقديم السين ، وتوفّى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، أخذ عن القطب الرازى ، وعن العضد بسمرقند.
(قوله : هداه الله سواء الطريق) عدى الهداية للمفعول الثانى بنفسها دون" إلى" أو اللام ؛ ملاحظة لما قيل : إن الهداية إذا تعدّت للمفعول الثانى بنفسها يراد بها معنى الإيصال ، وإن تعدت باللام أو" إلى" أريد بها معنى الدلالة ، قال تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(٣) ، (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٤) ، كذا فى الخطابي ، ويعكر عليه ما فى" المصباح" من أن لغة الحجازيين تعديتها إلى المفعول الثانى بنفسها ، ولغة غيرهم تعديتها إليه ب" إلى" أو اللام ، ودعوى أنها عند الحجازيين دائما بمعنى الإيصال وعند غيرهم دائما بمعنى الدلالة بعيدة. وإضافة" سواء" إلى" الطريق" من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أى : إلى الطريق السواء أى السوىّ بمعنى المستقيم ، أو الإضافة على معنى" من" أى السواء بمعنى السوى من الطريق ، والطريق يحتمل أن يراد بها هنا الموصلة للمقصود دنيويّا كان أو أخرويّا ، ويحتمل أن يراد بها الدليل القطعى على طريق الاستعارة المصرحة ، ومن المعلوم أن من هدى للدلائل القطعية صار عالما محققا.
__________________
(١) البقرة : ١٩٥.
(*) في النسخة المطبوعة : الدراهم ، وأثبتنا ما يقتضيه السياق.
(٢) الإسراء : ٩.
(٣) الشورى : ٥٢.