أنس (١) تأليف الإمام (٢) أبي بكر بن العربي (٣) ، أنه قال في تفسير قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ)(٤) ، فذكر أقوالا أربعة ، الرابع منها قيل : أن مياه الأرض (٥) كلها تخرج من تحت صخرة بيت المقدس ، وهي من عجائب الله في أرضه ، فإنها صخرة شنعاء (٦) في وسط المسجد الأقصى قد انقطعت في كل جهة لا يمسكها إلا الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، في أعلاها من جهة الجنوب قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، حين ركب البراق ، وقد مالت من تلك الجهة لهيبته ، وفي الجهة الأخرى أثر أصابع الملائكة (٧) التي أمسكتها إذ مالت به ، ومن تحتها الغار الذي انفصلت عنه من كل جهة ، عليه باب يفتح للناس للصلوات (٨) والاعتكاف ، فهبتها مدة أن أدخل تحتها لأني كنت أخاف أن تسقط عليّ بالذنوب ، ثم رأيت الظلمة والمجاهرين بالمعاصي يدخلونها ثم يخرجون منها سالمين ، فهممت أن أدخلها ، ثم قلت : ولعلهم أمهلوا وأعاجل ، فتوقفت مدة ، ثم عزم عليّ فدخلتها ، فرأيت العجب العجاب يمشي في جوانبها من كل جهة فتراها منفصلة عن الأرض لا يتصل بها من الأرض شيء ، وبعض الجهات أشد انفصالا من بعض. قال صاحب مثير الغرام (٩) هذا كلامه ، وهو عجيب جدا ، قلت وهو المشهور عند الناس أن الصخرة / / معلقة بين السماء والأرض. وحكى أنها استمرت على ذلك حتى دخلت
__________________
إبراهيم بن هلال ابن تيم بن سرور المقدسي الشافعي ، توفي سنة ٧٦٥ ه / ١٣٦٣ م ؛ ينظر : حاجي خليفة ٢ / ١٥٨٩ ؛ المقدسي ، أحمد مثير الغرام ٢٦٣.
(١) مالك بن أنس : هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو ، أبو عبد الله الأصبحي ، صاحب المذهب المشهور (المالكي) ، توفي سنة ١٧٩ ه / ٧٩٥ م ؛ ينظر : ابن قتيبة ٢٧٦ ، ٤٩٨ ، ٤٩٩ ؛ ابن حزم ٤٣٦ ؛ ابن الأثير ، الكامل ٦٣ ٦ / ١٤٧ ؛ ابن خلكان ٤ / ١٣٥ ؛ الذهبي ، سير ٨ / ٤٨ ؛ حاجي خليفة ٢ / ١٣١٥.
(٢) الإمام ج : للإمام أب : ـ ه د / / تعالى ب ج ه : ـ أد.
(٣) أبو بكر بن العربي (٤٦٨ ه / ٥٤٣ ه / ١٠٧٦ ـ ١١٤٨ م) هو محمود بن عبد الله بن العربي المعافري أصله من أشبيلية ، ثم غادرها إلى المشرق بصحبة والده ، ووالده كان له مركز في دولة بني عباد التي أبادها يوسف بن تاشفين صاحب المغرب ، وهذا الرحالة زار القدس في ٤٨٦ ه / ١٠٩٣ م ؛ ينظر : الضبي ٩٢ ؛ ابن خلكان ٤ / ٢٩٦ ؛ الذهبي ، تذكرة ٢ / ١٢٩٤ ؛ ابن العربي ١ / ٢٣٧ ؛ Robson ,Ibn Al ـ Arabi ,III / ٧٠٧.
(٤) سورة المؤمنون : [١٨].
(٥) الأرض ج : أرضه أب ه : ـ د.
(٦) شنعا أه : شعثا ب ج : ـ د.
(٧) الملائكة ب ج ه : المكية أ: ـ د / / أمسكتها إذ ب ج ه : امسكها أن أ: ـ د.
(٨) للصلوات أب ج : للصلاة ه : ـ د.
(٩) أحمد بن هلال ٦٣.