(أى) إن (لنا فى الدنيا) حلولا (وإن) لنا (عنها) إلى الآخرة ارتحالا ، والمسافرون قد توغلوا فى المضى لا رجوع لهم ونحن على أثرهم عن قريب ؛ فحذف المسند الذى هو ظرف قطعا لقصد الاختصار والعدول إلى أقوى الدليلين ـ أعنى العقل ـ ولضيق المقام ـ أعنى المحافظة على الشعر ـ ولاتباع الاستعمال لاطراد الحذف فى مثل : إن مالا وإن ولدا ، وقد وضع سيبويه فى كتابه لهذا بابا فقال : هذا باب إن مالا وإن ولدا.
______________________________________________________
لهم ؛ لأن المفقود بعد طول الغيبة لا رجوع له عادة وما لم تطل غيبته كغيره ، إذ السبب فيهما واحد وهو الفقد واللازم لهم لازم لنا ، فلا بد لنا من ذهاب كما ذهبوا ، فكما أنهم حلوا فى الدنيا وارتحلوا عنها فنحن كذلك.
(قوله : والمسافرون) أى : الموتى وهذا مأخوذ من قوله : وإن فى السفر (قوله : لا رجوع لهم) أى : إلى مواطنهم ، وهذا مستفاد من حمل المهل على الكامل بقرينة الواقع ، فإن هذا المهل لا رجوع معه (قوله : ونحن على أثرهم عن قريب) هذا مأخوذ من قوله : إن محلا ؛ لأن الحلول فى الشىء يدل على عدم الإقامة فيه كثيرا (قوله : فحذف المسند) الذى هو لنا (قوله : الذى هو ظرف قطعا) أى : بخلاف ما قبله وهو فإذا زيد فإنه ليس الخبر فيه ظرفا قطعا بل يحتمل أن يقدر ظرفا أى : فإذا زيد بالباب ، وأن يقدر غيره كحاضر أو جالس ، وقوله : الذى هو ظرف إلخ فيه إشارة لنكتة ذكر هذا المثال بعد الذى قبله (قوله : أعنى المحافظة إلخ) تفسير للمقام أو تفسير لضيق المقام من حيث سببه ؛ لأن المحافظة سبب لضيق المقام (قوله : ولاتباع الاستعمال) أى : الوارد على ترك نظيره ؛ لأنه اطرد حذف الخبر مع تكرار إن وتعدد اسمها سواء كانا نكرتين كما مثل أو معرفتين كقولك : إن زيدا وإن عمرا ولو حذفت إن لم يجز أو لم يحسن كما نص عليه أهل الفن ولوجود الخصوصية فى ذلك ل" إن" وتكرارها بوب له سيبويه فقال : هذا باب : إن مالا وإن ولدا (قوله : وقد وضع إلخ) هذا تأييد لكون الحذف مطردا.