(أى) فصبر جميل (أجمل ، ...
______________________________________________________
على حذف المسند إليه كذلك ، غاية الأمر أن إحداهما كاذبة ؛ لأنه لا يجوز أن يراد الأمران معا ، بل المراد أحدهما فقط فيكون الآخر غير مراد فتكون قرينة كاذبة ؛ لأنها دلت على إرادته ، مع أنه غير مراد ، ولا يضر ذلك ؛ لأن القرينة أمر ظنى ، والظنى يجوز تخلف مدلوله عنه قال الشيخ يس : وأقول : ما المانع من أن المتكلم يقصد تجويز حذف كل من المسند إليه والمسند ، ويجعل لكل واحد قرينة صادقة وهذا يدل عليه قول الشارح بإمكان حمل الكلام على كل من المعنيين عند التأمل الصادق ، فقول العلامة القاسمى ؛ لأنه لا يجوز أن يراد إلخ : مسلم ، لكن ليس المراد أحدهما ، فقد نص على الاحتمال ، وهذا لا يستدعى كذب قرينة غيره ، ويشهد لذلك وإن لم يكن فى خصوص المسند إليه والمسند ما سيأتى فى بحث الإيجاز فى قوله تعالى : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ)(١) من أنه يحتمل أن المراد فى مراودته بدليل تراود فتاها أو فى حبه بدليل شغفها حبّا.
(قوله : أى فصبر جميل أجمل) أى فصبر جميل فى هذه الواقعة أجمل من صبر غير جميل ، وإذا كان أجمل من الصبر الغير الجميل فهو أجمل من الجزع من باب أولى ، وأورد بأن فى هذا التفضيل نظرا ؛ لأنه يشترط أن يكون المفضل عليه مشاركا للمفضل فى أصل الفعل فيجب أن يكون المفضل عليه هنا جميلا فى الجملة مع أنه قيد بأنه غير جميل فلا يصح التفضيل ، وأجيب بأمرين.
الأول : أن عدم الجمال فى المفضل عليه وهو الصبر المصحوب بالشكاية إنما هو بحسب الآخرة من حيث الثواب ، وهذا لا ينافى أن فيه جمالا بحسب الدنيا من حيث تسكين القلب ؛ لأن إظهار الشكاية قد يفرج عن النفس ضيقها.
الثانى : أن التفضيل على فرض أن يكون فيه جمال وتفضيل الشىء على ما لا يشاركه فى أصل الفعل واقع فى الكلام لغرض من الأغراض الموجبة لإخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر كدفع ما يتوهم على الفرض والتقدير كما فى قولهم : زيد أفضل من الحمار ا. ه غنيمى.
__________________
(١) يوسف : ٣٢.