أى : ملكة يقتدر بها على إدراكات جزئية ، أو أصول وقواعد معلومة ...
______________________________________________________
وذلك لأن البديع علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة كما يأتى ، فلا جرم أنه لا تعلق له بالبلاغة ، وإنما يفيد حسنا عرضيّا للكلام البليغ ، وكلام الشارح المذكور يشير إلى أن البديع من توابع البلاغة وهو ما جزم به بعضهم خلافا لمن قال : إنه من تتمة علم المعانى ، ولمن قال : إنه قال من تتمة علم البيان.
(قوله : أى ملكة) هى كيفية راسخة فى النفس حاصلة من كثرة ممارسة قواعد الفن (قوله : يقتدر بها إلخ) الإتيان بهذا نظرا لشأن الملكة فى ذاتها وإن كان متروكا فى الملكة الواقعة فى التعريف ؛ لئلا يلزم التكرار مع قوله : يعرف به إلخ (قوله : أو أصول وقواعد معلومة) عطف على ملكة إشارة إلى أن المراد بالعلم هنا إما الملكة أو الأصول بمعنى القواعد المعلومة ؛ لأن بها يعرف إيراد المعانى بطرق مختلفة فى الوضوح والخفاء وإنما قيد القواعد بالمعلومة ؛ لأنه لا يطلق عليها علم بدون كونها معلومة من الدلائل وإنما كان المراد بالعلم هنا أحد الأمرين المذكورين ؛ لأن العلم مقول بالاشتراك على هذين المعنيين فيجوز إرادة كل منهما ، ولا يقال : يلزم على ذلك استعمال المشترك فى التعريف بلا قرينة معينة وذلك لا يجوز ؛ لأنا نقول : محل منع استعمال المشترك فى التعريف إذا أريد أحد معنييه أو معانيه فقط ، وأما إذا صح أن يراد به كل معنى فإنه يجوز كما هنا فإنه يجوز إرادة كل من الملكة والأصول كما أشار إليه الشارح ؛ لأن علة المنع الوقوع فى الحيرة من جهة أنه لا يدرى المعنى المراد من المشترك ، وهذا ينافى الغرض من التعريف من البيان والكشف على أن محل منع استعمال المشترك فى التعريف إذا لم يكن بين المعنيين مثلا استلزام ، وأما إذا كان بينهما ذلك فإنه يجوز كما هنا ؛ لأن تعريف كل منهما يستلزم الآخر ؛ لأن الملكة كيفية راسخة فى النفس يقتدر بها على إدراكات جزئية والإدراكات الجزئية ينشأ عنها القواعد ؛ لأن القواعد شأنها أن تحصل من تتبع الجزئيات ، والقاعدة قضية كلية يتعرف منها أحكام جزئيات موضوعها والقضايا المذكورة ينشأ عنها الملكة بسبب ممارستها فقد استلزم كل منهما الآخر فكانا بمنزلة الشىء الواحد ، فالمقصود حينئذ بالتعريف الذى يؤتى به لبيان الحقيقة واحد فكأنه لا اشتراك