وتاريخه ، فقد أخرج لأناس من الضعفاء والمتروكين في تاريخه لكنه لم يخرج لهم في التفسير.
وعلى أية حال فقد خرج الفاكهي من العهدة ببيان السند ، فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء.
١١ ـ شيء آخر نسجّله للفاكهي على الأزرقي ، وهو أن هناك فصولا ومباحث كثيرة تعرّض لها الفاكهي ، أعرض عنا الأزرقي بالكلية ، ويكفينا للموازنة بين الكتابين في هذا المجال إلقاء نظرة فاحصة لفهرس الكتابين.
وقد تنبّه إلى هذا تقي الدين الفاسي ، فقال في «العقد الثمين» (١) : (وكتاب الفاكهي كتاب حسن جدا لكثرة ما فيه من الفوائد النفيسة وفيه غنية عن كتاب الأزرقي ، وكتاب الأزرقي لا يغني عنه ، لأنه ذكر فيه أشياء كثيرة حسنة جدا لم يذكرها الأزرقي ، وأفاد في المعنى الذي ذكره الأزرقي أشياء كثيرة لم يفدها الأزرقي).
ثم إن هناك أحداثا ذكرها الأزرقي باقتضاب ، ولكن عند ما تناولها الفاكهي فصّل فيها القول ، بما لا تجده عند الأزرقي.
ففي مبحث (البرك التي عملت بمكة وتفسير أمرها) عند ما ذكر عين زبيدة قال : (إن المأمون أمر أمير مكة أن يعمل له خمس برك في مكة أخذا من عين زبيدة) وقد فصّل الفاكهي كيفية عمل هذه البرك ، ومواضعها ، وما جرى عند افتتاحها ، بينما نرى الأزرقي اختصر هذا الحدث ، مكتفيا بالإشارة إليه.
وقد نبّه على هذا الفاسي في العقد الثمين (٢) فقال في ترجمة (صالح بن العباس ـ والي مكة ـ) بعد أن نقل كلام الأزرقي : (وقد أفاد الفاكهي غير ما سبق فنذكره) ثم ذكر كلام الفاكهي بحروفه.
وهكذا فإن في كتاب الفاكهي زيادات كثيرة جدا يصعب احصاؤها في أغلب فصوله ومباحثه ، قد لا تجد لها في كتاب الأزرقي إلا إشارات أو ذكر مقتضب وجيز.
وبذلك يصدق كلام الفاسي عند ما يقول عن كتاب الفاكهي (وما أكثر فوائده) (٣).
__________________
(١) ١ / ٤١١.
(٢) ٥ / ٢٨.
(٣) العقد الثمين ١ / ١٩.