١٢ ـ هل اعتمد الفاكهي على كتاب الأزرقي؟
سؤال يفرض نفسه في مثل هذا الظرف.
إنّ الأزرقي توفي قبل الفاكهي بعقدين من الزمن تقريبا ، والكتاب كان معروفا في مكة ، وصاحبه مشهورا ، وعلم من أعلام مكة ، فهل من المعقول أنّ الفاكهي لم يطّلع على كتاب الأزرقي؟ واذا اطّلع عليه فلماذا صنّف كتابه إذا؟ وإذا كان اطلع عليه فهل استفاد منه؟
إن الجواب على السؤال الثاني سهل ميسور ، فإذا كان اطلع عليه رأى فيه قصورا عمّا يفكّر به ، فأراد أن يصنّف ما هو أوسع وإذا لم يكن قد وقف عليه أصلا ، فهذا يدفع الفاكهي إلى التصنيف من باب أولى.
أما الإجابة عن السؤال الأول ، والثالث ، فهذا يحتاج إلى وقفة متأنية ، ونظرة فاحصة في الكتابين.
لقد صرح الفاكهي في أربعة مواضع (١) أنه روى عن شيخه عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة ، عن أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي.
وأحمد بن محمد الأزرقي هذا (المتوفى سنة ٢١٧) هو جد الأزرقي صاحب «أخبار مكة». وجدّه في حقيقة الحال هو واضع اللبنات ، بل الهيكل العام لكتاب «أخبار مكة» ، ولم يكن دور الحفيد إلّا الترتيب والتبويب ، والرواية عن جدّه ، مع اضافات لا يستهان بها على ما ذكره جدّه.
فالفاكهي روى عن الجدّ ، ولكن ليس بواسطة الحفيد ، وهذه الروايات الأربع موجودة في أخبار مكة للأزرقي ، فلماذا إذا لم يروها عن الحفيد راوي الكتاب ومرتبه؟ لا ندري ، ولا نريد أن نتخرّص الظنون.
وبعد النظر في كتابي الأزرقي والفاكهي ، وجدنا الاثنين يقولان : قال بعض أهل مكة ، وينقلان المادة نفسها.
وقد يقول الفاكهي : قال لي رجل من أهل مكة وأعطاني كتابا عن أشياخه فيه أسماء مكة (٢) وتجد مثل هذه العبارة عند الأزرقي ، ينقل عن مشايخ أهل مكة ، ما نقله الفاكهي.
__________________
(١) أنظر الآثار : ٧٤٩ ، ١٧٤٠ ، ٢١١٢ ، ٢٤٥٦.
(٢) الأثر : ١٥٢٦.