وقد يقول الفاكهي : (أعطاني أحمد بن محمد بن ابراهيم كتابا ذكر أنه عن أشياخه من أهل مكة فكتبته من كتابه) (١).
وتجد مثل هذه المعلومات عند الأزرقي.
وقد يقول الفاكهي : (قال بعض أهل مكة). ويسرد فصلا تجده عند الأزرقي ، وقد يزيد الفاكهي عليه قليلا ، أو كثيرا. وهذا شيء ليس بقليل في كتاب الفاكهي.
فماذا يعني هذا؟
هل يعني هذا أن الفاكهي استفاد من كل هذه الفصول من الأزرقي؟ أم يعني أن الأزرقي والفاكهي كليهما قد اعتمدا على مصدر واحد في استقاء هذه المواد في كتابيهما؟
نستطيع إلى الآن أن نرجح هذا الأخير ، أما ما هي المرجّحات فهذه هي : أولا : إنّ الفاكهي ليس مدلسا ، وقد وضّحنا ذلك في منهجه الحديثي.
ثانيا : إنّ الفاكهي قد يقول في كتابه : (قال بعض أهل مكة) ، أو (يزعم بعض أهل مكة) ، ويسرد كلاما طويلا ، ولم نجد لهذا الكلام أثرا في كتاب الأزرقي لا من قريب ولا من بعيد (٢).
فهل سقطت مثل هذه المباحث من نسخة الأزرقي المطبوعة؟
هذا بعيد ، لأن محقّق الأزرقي قد اعتمد على نسخ عديدة في إخراج الكتاب ، فاحتمال السقط من نسخة واحدة ممكن لكن من نسخ أخرى فهذا مستبعد.
ثالثا : إنّ كثيرا من الفصول التي أوردها الأزرقي والفاكهي بغير أسانيد تجدها بحروفها عند ابن رسته المتوفى في حدود سنة ٣٠٠ في كتابه «الأعلاق النفيسة».
رابعا : إنّ أبا إسحاق الحربي المتوفى سنة ٢٨٥ ينقل فصولا أيضا في كتابه
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) أنظر مثلا الخبر ١٧٨٦ ، حيث تفرد الفاكهي بذكر هذا الخبر ، ولم نجده لا عند الأزرقي ولا عند غيره. وعلى الفاكهي اعتمد الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٨٧ في ذكر هذا الخبر ولم يشر إلى أي مصدر آخر.