«المناسك» توافق ما ينقله الفاكهي والأزرقي وابن رسته ، ولكنه لم يوضّح مصدره في ذلك.
فالنتيجة أن هؤلاء الأربعة : الأزرقي والفاكهي والحربي وابن رسته كلهم ينقلون من مصدر واحد ، لكن واحدا منهم لم يبيّن لنا هذا المصدر ، ومن هو مؤلفه.
والذي يبدو لنا أن هذا المصدر يختص بذكر المسجد الحرام وقياساته بالذراع والأصبع قياسات محررة دقيقة ، ويتحدث عن وصف المسجد الحرام وصفا دقيقا ، والصفا ، والمروة ، وما بينهما من الأطوال والمسافات ، والمسافات بين مكة ومنى ، وبين منى ومزدلفة ، وبين مزدلفة وعرفات ، وما إلى ذلك بالميل والذراع والاصبع (١). وفي نظرنا أن هذا العمل لا يمكن لشخص واحد أن يقوم به إذا لم تساعده لجنة صابرة صادقة ، وتتولى الإنفاق عليها جهة ذات سلطة ، لأن هذه اللجنة قد حددت الأميال من مكة إلى عرفات ، ووضعت علامات الأميال (وهو بناء مرتفع بقدر ثلاثة أمتار تقريبا).
وقد ورد وصف هذه الأميال ومواضعها عند الأزرقي والفاكهي وصفا دقيقا ، ترى هل يمكن لفرد أو أفراد أن يقوموا بمثل هذا العمل لوحدهم ، دون دعم مالي ، أو بالأحرى دون تكليف رسمي تتولاه الدولة أو السلطة المسؤولة يومذاك؟
إن مثل هذا العمل لا بدّ أن تتولّاه الحكومة في ذلك البلد وتحرّره وتقيّده وتسجّله معتمدة في ذلك على خبراء مختصين ، وأمناء موثوقين وتودع هذه الوثائق والمعلومات في دواوينها.
إن مثل هذا العمل ليس مستبعدا ، بل هو الافتراض الذي يقرره الواقع ، فاستفاد كل من الفاكهي والأزرقي من هذه الوثائق والسجلات دون الإشارة إلى مصدرهما ، والله أعلم.
__________________
(١) ذلك أن المعلومات المتحدة عند هؤلاء الأربعة هو ما يتعلق بما ذكرنا.