تقييم الجزء الأول ـ الجزء الضائع ـ من كتاب الفاكهي
إن عنوان كتاب الفاكهي هو : «أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه» كما ورد في آخر الجزء الثاني منه ، وهذا العنوان قد يلقي ضوءا على بعض ما تضمنه الجزء الأول المفقود من هذا الكتاب.
وإن الجزء الثاني الموجود الآن : تناول بإسهاب ، الحجر الأسود والمسجد الحرام ، وزمزم ، والطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ، والإحرام ، والوقوف بعرفة ، وبجمع ، والمبيت بمنى ، ورمي الجمار ، وطواف الوداع ، وحكم الصيد في الحرم ، وحدود الحرم ، وقد أخذ الكلام عن هذه الأمور وأحكامها الشرعية واختلافات العلماء فيها ما يقارب ثلث الجزء الباقي من هذا الكتاب.
أما الثلثان الباقيان ، فتكلم فيهما عن خطط مكة ، منذ أن قسّمها قصي بن كلاب بين أبنائه ، وشوارع مكة ، وجبالها وآبارها. ومساجدها وعادات أهل مكة وتقاليدهم ، في المواسم والأفراح ، وحكّامها وعلمائها وقضاتها وخطبائها ، وزهّادها ، وما إلى ذلك.
وتناول جوانب تاريخية هامّة حدثت في مكة ، ولكن بعد عهد النبي صلّى الله عليه وسلم بل بعد عصر الخلفاء الراشدين على الأحرى ، فتناول جانبا من حكم بني أمية ، مثل محنة أهل مكة زمن ابن الزبير ، وحصار جيش الشام له ، وقتله ، والغلاء الذي حلّ بأهل مكة وهذا هو الحدث التاريخي السياسي الوحيد الذي فصّل الفاكهي فيه القول.
وبقيت هناك أمور كثيرة جدا لم يتعرض لها الفاكهي في الجزء الثاني من كتابه ، هذه الأمور على صلة بمكة وأهل مكة ، والبيت الحرام ، ممّا يرجح لنا أنها قد فصّل فيها القول في النصف الأول المفقود من هذا الكتاب.