وليس له إلّا صهوة واحدة ، لكنه جعل كل جزء من أجزاء الصهوة صهوة ، فجمع ذلك. وأمّا وضع الجمع موضع التثنية ، فهو على قسمين : مقيس ومسموع. فالمقيس في كل شيئين من شيئين تثنيتهما جمع ، كقوله : «قطعت رؤوس الكبشين» ، قال الله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)(١). والمسموع الذي يحفظ ولا يقال عليه هو كل شيء من شيء واحد أو مستقلين بأنفسهما ، مثل قولهم : «رجل عظيم المناكب» ، وليس له إلّا منكبان.
واختلفوا في السبب الذي لأجله كان وضع الجمع موضع التثنية مقيسا في كل شيئين من شيئين. فأهل البصرة يجعلون العلة في ذلك كراهية استثقال الجمع بين شيئين مع عدم اللبس.
وزعم الفراء ومن تبعه أنّه إنّما ساغ ذلك في كلّ شيئين من شيئين لأنّ كل عضو مفرد في الحيوان بمنزلة ما للحيوان منه عضوان ، ولذلك جعلت دية العضو الواحد من الإنسان دية العضوين المتساويين ، فلذلك جمعت في موضع التثنية ، لأنّ العضوين إذ ذاك تنزّلا منزلة أربعة أعضاء.
وهذا فاسد ، إذ لو كان كذلك ، لوجب أن ينزل العضو الواحد منزلة اثنين ، فيقال : «قطعت رأس الكبشين» ، وذلك غير جائز. فدلّ ذلك على فساد مذهبه.
__________________
جره الكسرة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة ، والجار والمجرور متعلقان بالفعل يطير. ويلوي : «الواو» : حرف عطف ، «يلوي» : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره (هو). بأثواب : جار ومجرور متعلقان بالفعل يلوي. العنيف : مضاف إليه مجرور. المثقل : صفة مجرورة بالكسرة.
وجملة «يطير الغلام» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «يلوي» : معطوفة على جملة لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «عن صهواته» حيث أقام الجمع مقام المفرد ، فليس للفرس سوى صهوة واحدة.
(١) سورة التحريم : ٤.