وأما مذهب المازني ، فالذي يدل على فساده أنّ الألف تمال في حال الرفع والخفض وتقع قافية ، ألا ترى أنّ القراء قد قرأوا : «مفترى» و «قرى» إذا كانا في موضع رفع أو خفض بالإمالة إذا وقفوا ، ولم يفعلوا ذلك فيها في حال النصب ، ولو كانت بدلا من التنوين ، لم يجز ذلك فيها ، فتبيّن إذن أنّ الصحيح ما ذهب إليه سيبويه.
فإن قيل : فقد أوقع العجاج الألف في حال النصب قافية ، قال [من الرجز] :
خالط من سلمى خياشيم وفا
فالجواب : أنّه إنما جاز ذلك على أن تكون الألف ألف وصل ، ويكون التنوين محذوفا من المنصوب في حال الوقف على لغة من قال : «رأيت زيد» ، بسكون الدال ، فيكون نحو قول الشاعر [من الرمل] :
٧٥١ ـ شئز جنبي كأنّي مهدأ |
|
جعل القين على الدّفّ إبر |
يريد : إبرا.
__________________
٧٥١ ـ التخريج : الرجز للعجاج في ديوانه ٢ / ٢٢٥ ؛ وإصلاح المنطق ص ٨٤ ؛ وخزانة الأدب ٣ / ٤٤٢ ، ٤٤٤ ؛ والدرر ١ / ١١٣ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٠٤ ؛ والمقاصد النحوية ١ / ١٥٢ ؛ والمقتضب ١ / ٢٤٠ ؛ والممتع في التصريف ص ٤٠٨ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٤ / ٤٣٧ ، ٦ / ٥١٠ ، ٧ / ٢٤٤ ، ٢٤٦.
اللغة : خياشيم : الأنف ، أو مجرى التنفس.
المعنى : يصف طيب رائحة سلمى فيقول كأن الخمرة خالطت خياشيمها وفاها.
الإعراب : خالط : فعل ماض مبني على الفتح ، و «الفاعل» : «صهباء» المذكورة في بيت لا حق. من سلمى : جار ومجرور متعلقان بحال من «خياشيم». خياشيم : مفعول به منصوب بالفتحة. وفا : «الواو» : حرف عطف ، «فا» : اسم معطوف على (خياشيم) ، منصوب مثله ، وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة ، وذلك على تقدير : خياشيمها ، وفاها.
وجملة «خالط ...» : ابتدائية لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «وفا» حيث جعل ألف النصب قافية.
(٧٥٢) ـ التخريج : البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص ٥٩ ؛ وإصلاح المنطق ص ١٥٦ ؛ ولسان العرب ١ / ١٨١ (هدأ) ؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٩٧ ؛ ورصف المباني ص ٣٥ ؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٤٧٧ ، ٦٧٦ ؛ وشرح المفصل ٩ / ٦٩ ؛ والمقرب ٢ / ٢٥.
اللغة : الشئز : القلق من هم أو مرض ، مهدأ : من أهدأ الصبي إذا علّله لينام ، الدف : الجنب.
المعنى : إني ضجر لا أستطيع النوم من همومي وآلامي وكأني أنام على فراش مليء بالإبر.
الإعراب : شئز : خبر مقدم مرفوع. جنبي : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمّة المقدرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محل جرّ بالإضافة. كأني : «كأن» : حرف مشبّه بالفعل ، و «الياء» : ضمير متصل