تغنّى ، فضيق على من كان قبله من مغني المدينة ، فغني الثقيل ، وكان أخذ الغناء عن جميلة ـ قينة كانت بالمدينة ـ قال : وابنه كردم بن معبد الذي غنى :
رأيت زهيرا تحت كلكل خالد |
|
فأقبلت اسعى كالعجول أبادر (١) |
وكان ابن سريج (٢) واسمه : عبيد ، وكان يكنى أبا يحيى من أحسن الناس غناء. وكان مرتجلا يوقع بقضيبه ، وكان منقطعا إلى ابن (٣) جعفر لازما له وهو الذي غنّى :
تقرّبني الشّهباء نحو ابن جعفر |
|
سواء عليها ليلها ونهارها (٤) |
__________________
(١) قائل هذا البيت ، هو : ورقاء بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي. وزهير أبوه كان سيد عبس ، وأحد سادات العرب المشهورين في الجاهلية. وكان يسوم هوازن الخسف. وكانت هوازن تعطيه الإتاوة كل عام في سوق عكاظ ، وفي أنفسهم منه غيظ شديد ، حتى استطاع أحد زعمائهم وهو : خالد بن جعفر بن كلاب العامري تخليص قومه من ظلم زهير ، حيث دعا قومه لقتله ، فأجابوه ، فخرجوا إليه ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، والتقى خالد وزهير طويلا ثم تعانقا ، فسقطا على الأرض ، وشد ورقاء بن زهير على خالد فضربه بسيفه ، فلم يصنع شيئا لأن خالدا ظاهر بين درعين ، وحمل ابن امرأة خالد على زهير فقتله ، وهو وخالد يعتركان ، فثار خالد عنه ، وعادت هوازن إلى منزلها ، وحمل بنو زهير أباهم إلى بلادهم. وفي ذلك الموقف قال ورقاء هذا الشعر.
ومعنى قوله (كلكل خالد) أي : صدر خالد. والعجول : هي المرأة الواله الثكلى التي فقدت ولدها. اللسان ١٢ / ٤٢٧.
وبعد هذا البيت يقول ورقاء :
إلى بطلين يعتّران كلاهما |
|
يريد رياش السيف والسيف نادر |
فشلّت يميني يوم أضرب خالدا |
|
ويمنعه مني الحديد المظاهر |
وأنظر تفاصيل ذلك في الكامل لابن الأثير ١ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.
(٢) كان مولى لبني نوفل بن عبد مناف ، وممّن عرف بالغناء بمكة ، ومهر فيه. غنّى في زمن عثمان ، وتوفي في خلافة هشام بن عبد الملك مجذوما. أخباره في الأغاني ١ / ٢٤٨ ـ ٣٢٣.
(٣) عبد الله بن جعفر بن عبد المطلب بن هاشم. تقدّم مرارا ، وهو من أجواد العرب المعدودين ، وسادات بني هاشم المشهورين. أخباره في تهذيب ابن عساكر ٧ / ٣٢٨ ـ ٣٤٧. وأنظر الأغاني ١ / ٢٤٩.
(٤) البيت ذكره المبرّد في الكامل ٢ / ٦٤٦ ، ونسبه لقيس بن عبد الله الرقيّات ، ولم أجده في ديوانه.