أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد ، أبو الطيب الجعفي الكوفي الشاعر المعروف بالمتنبي :
وقيل : هو أحمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار ، وكان والده الحسين يعرف بعيدان السقاء ، وكان أبو الطيب شاعرا مشهورا مذكورا محظوظا من الملوك والكبراء الذين عاصرهم ، والجيد من شعره لا يجاري فيه ولا يلحق ، والردي منه في نهاية الرداءة والسقوط ، وكان يتعظم في نفسه ويترفع ، وقيل انه ادعى النبوة في حداثته فلقب بالمتنبي لذلك ، وكان عارفا باللغة قيما بها.
قدم الشام في صباه وجال في أقطارها ، وصعد بعد ذلك الى الديار المصرية ، وكان بها في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، ثم قدم حلب وافدا على الامير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان ، ومادحا له ، فأكرمه ونفق عليه ، وصار خصيصا به ، ملازما له حضرا وسفرا الى أن خرج من حلب غضبان بسبب كلام وقع بينه وبين أبي عبد الله بن خالويه في مجلس سيف الدولة ، فضربه ابن خالويه بمفتاح.
وكان دخوله الى حلب سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، وخروجه منها الى مصر الدفعة الثانية في سنة ست وأربعين وثلاثمائة ، وكان نزوله بحلب في محلتنا المعروفة بآدر بني كسرى.
قال لي والدي : وكانت داره دارا هي لآن خانكاه سعد الدين كمشتكين (١) ملاصقة لداري.
وكان ابن خالويه مؤدب ولدي الامير سيف الدولة : أبي المكارم ، وأبي المعالي ،
__________________
(١) قام مكانها «المدرسة الصلاحية» في محلة سويقة علي. انظر الآثار الاسلامية والتاريخية في حلب لاسعد طلس ط. دمشق ١٩٥٦ : ٢٢٨ ـ ٢٢٩.