ابن عيدان قط ، فقلت له : كيف؟ فقال : كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابا من كتب الاصمعي ، سماه الوراق وأنسيه أبو الحسن ، يكون نحو ثلاثين ورقة ليبيعه ، قال : فأخذ ينظر فيه طويلا ، فقال له الرجل : أريد بيعه ، وقد قطعتني عن ذلك ، فان كنت تريد حفظه فهذا ان شاء الله يكون بعد شهر ، قال : فقال له ابن عيدان فان كنت قد حفظته في هذه المدة فمالي عليك؟ قال : أهب لك الكتاب ، قال : فأخذت الدفتر من يده ، فأقبل يتلوه علي الى آخره ، ثم استلبه فجعله في كمه وقام ، فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن ، فقال : ما الى ذلك سبيل ، قد وهبته لي ، قال : فمنعناه منه وقلنا له : أنت شرطت على نفسك هذا للغلام ، فتركه عليه.
وقال (٢٨ ـ ظ) أبو الحسن : كان عيدان والد المتنبي يذكر أنه من جعفى ، وكانت جدة المتنبي همدانية صحيحة النسب لا أشك فيها ، وكانت جارتنا ، وكانت من صلحاء النساء الكوفيات.
قال التنوخي : قال أبي : فاتفق مجىء المتنبي بعد سنين الى الاهواز منصرفا من فارس ، فذاكرته بأبي الحسن ، فقال : تربي وصديقي وجاري بالكوفة ، وأطراه ووصفه ، وسألت المتنبي عن نسبه ، فما اعترف لي به ، وقال : أنا رجل أخبط القبائل وأطوي البوادي وحدي ، ومتى انتسبت لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التي أنتسب اليها ، وما دمت غير منتسب الى أحد فأنا أسلم على جميعهم ويخافون لساني.
قال : واجتمعت بعد موت المتنبي بسنين مع القاضي أبي الحسن بن أم شيبان الهاشمي الكوفي وجرى ذكر المتنبي فقال : كنت أعرف أباه بالكوفة شيخا يسمى عيدان ، يسقي على بعير له ، وكان جعفيا صحيح النسب.
قال : وقد كان المتنبي لما خرج الى كلب وأقام فيهم ادعى أنه علوي حسني ، ثم ادعى بعد ذلك النبوة ، ثم عاد يدعي أنه علوي الى أن أشهد عليه بالشام بالكذب