المتنبي ظهر منه شيء من ذلك في أيام سيف الدولة ومملكته بحلب والشام ، ولا أنه حبسه منذ اتصل به ، وإنما كان ذلك في أيام لؤلؤ الإخشيذي أمير حمص.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن البغدادي كتابه قال أخبرنا أبو منصور بن زريق ، قال : أخبرنا أبو بكر الخطيب قال : وأخبرنا علي بن المحسن التّنوخي قال : حدثنا أبي (٢٩ ـ ظ) قال : حدثني أبو علي بن أبي حامد قال : سمعت خلقا بحلب يحكون ، وأبو الطيب المتنبي بها إذ ذاك ، أنه تنبأ في بادية السماوة ونواحيها الى أن خرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قبل الإخشيذية فقاتله وأسره وشرد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب وحبسه في السجن دهرا طويلا فاعتل وكاد أن يتلف حتى سئل في أمره فاستتابه ، وكتب عليه وثيقة أشهد عليه فيها ببطلان ما ادعاه ورجوعه الى الإسلام وأنه تائب منه ، ولا يعاود مثله وأطلقه.
قال : وكان قد تلا على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه وكانوا يحكون له سورا كثيرة ، نسخت منها سورة ضاعت وبقي أولها في حفظي وهو : والنجم السيار ، والفلك الدوّار ، والليل النهار إن الكافر لفي أخطار ، امضى على سننك ، واقف إثر من كان قبلك من المرسلين ، فإن الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه وضلّ عن سبيله ، قال : وهي طويلة لم يبق في حفظي منها غير هذا.
قال : وكان المتنبي إذا شوغب في مجلس سيف الدولة ـ ونحن إذ ذاك بحلب ـ يذكر له هذا القرآن وأمثاله مما كان يحكى عنه ، فينكره ويجحده.
قال : وقال له ابن خالويه النحوي يوما في مجلس سيف الدولة : لو لا أن الآخر جاهل لما رضي أن يدعى بالمتنبي ، لأن متنبي معناه كاذب ، ومن رضي أن يدعى بالكذب فهو جاهل ، فقال له (٣٠ ـ و) أنا لست أرضى أن أدعى بهذا ، وانما يدعوني به من يريد الغض مني ، ولست أقدر على الامتناع.
قال الخطيب : قال لنا التنوخي : قال : قال لي أبي : فأما أنا فإني سألته بالأهواز في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة ، عند اجتيازه بها الى فارس ، في حديث