قال : قيل للمتنبي : على من تنبأت؟ قال : على الشعراء ، فقيل لكل نبي معجزة فما معجزتك؟ قال : هذا البيت.
وقرأت في رسالة علي بن منصور الحلبي ، المعروف بدوخله ، وهي التي كتبها إلى أبي العلاء بن سليمان وأجابه عنها برسالة الغفران ، وذم فيها أبا الطيب المتنبي وقال : وذكر ابن أبي الأزهر والقطر بلي في التاريخ الذي اجتمعا على تصنيفه (١) أن الوزير علي بن عيسى أحضره إلى مجلسه فقال له : أنت أحمد المتنبي؟ فقال : أنا أحمد النبي ، ولي علامة في بطني خاتم النبوة ، وأراهم شبيها بالسلعة على بطنه فأمر الوزير بصفعه فصفع وقيد ، وأمر بحبسه في المطبق.
ثم طالعت التاريخ المشار اليه فقرأت فيه حوادث سنة اثنتين وثلاثمائة (٣٤ ـ و) قال : وفيها جلس الوزير علي بن عيسى للنظر في المظالم ، وأحضر مجلسه المتنبي وكان محبوسا ليخلي سبيله ، فناظره بحضرة القضاة والفقهاء ، فقال : أنا أحمد النبي ولي علامة في بطني خاتم النبوة ، وكشف عن بطنه وأراهم شبيها بالسلعة (٢) على بطنه ، فأمر الوزير بصفعه فصفع مائة صفعة ، وضربة وقيده ، وأمر بحبسه في المطبق (٣). فبان لي أن أبا الحسن علي بن منصور الحلبي رأى في تاريخ ابن أبي الازهر والقطربلي «ذكر أحمد المتنبي» فظنه أبا الطيب أحمد بن الحسين ، فوقع في الغلط الفاحش لجهله بالتاريخ ، فان هذه الواقعة مذكورة في هذا التاريخ في سنة اثنتين وثلاثمائة ، ولم يكن المتنبي ولد بعد ، فان مولده على الصحيح في سنة ثلاث وثلاثمائة ، وقيل ان مولده سنة احدى وثلاثمائة ، فيكون له من العمر
__________________
(١) اسم هذا الكتاب «الهرج والمرج» والقطربلي هو أبو محمد عبد الله بن الحسين وابن أبي الازهر هو محمد بن مزيد ، انظر كتابي تاريخ أخبار القرامطة : ٢٦.
(٢) السلع : البرص وتشقق القدم. القاموس.
(٣) سجن بغداد.