اغراء سفهاء بغداد عليه ، ومعاملته بالسخف الذي أعرض بوجهه عنه وعنهم ولم يزد (٣٦ ـ ظ) في الجواب على الخسأ ترفعا وتنزها واكتفاء من مهاجاتهم على ما في خلال شعره من مثل قوله :
أفاضل الناس أعراض لذا الزمن |
|
يخلو من الغم أخلاهم من الفطن (١) |
وذكر أبياتا مثله وقال : ثم ما يدريني هل كان سبب الفتك به من الاعرابي نبذ من ذلك الاغراء ، فالقائل بالشر غير مبال أيضا بفعله ، وخاصة عند استماع ما كان حظي به لدى المقصودين من القبول والاقبال حتى أنه قال عند دخوله الى شيراز : أنا لا أنشد ما ثلا ، فأمر عضد الدولة بكرسي له ، فلما دخل ورآه أنشده قائما ، فأمره بالجلوس ، فأبى وقال : هيبتك تمنع عن ذلك ، فوقع قوله وفعله منه أحسن المواقع.
وكان المهلبي مع بختيار يناكر أن عضد الدولة فعل ذلك ، حنفا وجهلا بالقدر.
قال : ومما يغيظني حقا قوم متسمون بالفضل يكابرون عقولهم في أمره ، ويرتكبون في اطفاء نوره ، كشمس المعالي قابوس ، فقد كان يقول : ليس للمتنبي في ديوانه ما يسوى استماعا الا أربعة أبيات ، ثم لم يكن يبتدئ من ذات نفسه بالاشارة اليها ، وكان سوء خلقه يمنعني من سؤاله عنها ، وكأبي الفتح البستي في قوله :
سئلت عن المتنبي فقلت |
|
مقال إمرئ ليس يغلو (٢) |
له في مواضع فصل الخطاب |
|
وسائر ما قاله فهو فسل (٣) (٣٧ ـ و) |
__________________
(١) ديوانه : ٢٦٦.
(٢) كذا بالاصل ، وينقص الشطر الثاني من هذا البيت تفعيلة ، والبيتان من البحر المتقارب.
(٣) الفسل : الرذل الذي لامروءة له. القاموس.