قال : ولو كان قلبه فقال : «ان مواضع منه فسل» وسائر ما قاله فصل خطاب لكان أبعد عن الاثم ، وأقرب الى الصدق والصواب.
وذكر ابن الصابئ في كتاب الوزراء أن ابن العميد (١) كان يجلس المتنبي في دسته ويقعد بين يديه ، فيقرأ عليه الجمهرة لابن دريد ، لان المتنبي كان يحفظها عن ظهر قلب.
وقرأت في بعض مطالعاتي أن المتنبي لما اجتاز بالرملة ومدح طاهر بن الحسن ابن طاهر بن يحيى العلوي ، أجلسه طاهر في الدست ، وجلس بين يديه حتى فرغ من مدحته.
وقرأت في كتاب «نزهة عيون المشتاقين» لأبي الغنائم الزيدي قال : حدثني جماعة أن المتنبي لما مدح طاهر بن الحسن بن طاهر إجازة ألف دينار.
قلت : والقصيدة التي مدحه بها هي القصيدة البائية التي أولها :
أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب |
|
وردوا رقادي فهو لحظ الحبائب (٢) |
وقال ابن فورجة في كتاب «التجني على ابن جني» : حدثني الشيخ أبو علي أحمد بن محمد بن يعقوب مسكويه بأصبهان ، وكان تربية ابن العميد ونديمه قال : حضرت مجلس ابن العميد بأرجان (٣) وقد دخل عليه أبو الطيب ، وكان يستعرض سيوفا ، فلما بصر بأبي الطيب نهض من مجلسه ، وأجلسه في دسته ، ثم قال لابي الطيب : اختر سيفا من هذه السيوف ، فاختار منها واحدا ثقيل الحلي ، واختار ابن
__________________
(١) لم يصلنا الجزء المتعلق بوزراء الدولة البويهية من كتاب الوزراء لابن الصابئ.
(٢) ديوانه : ٢٩.
(٣) مدينة كبيرة كثيرة الخير بها نخل كثير وزيتون وفواكه وهي برية بحرية سهلية جبلية ، بينها وبين شيراز ستون فرسخا وبينها وبين سوق الاهواز ستون فرسخا أيضا. معجم البلدان.