فاحتزوا رأسه ذبحا ، وأخذوا ما كان معه من المال وغيره ، وكان مذهبه أن يحمل ماله معه أين توجه ، وقتل ابنه معه وغلام من جملة خمس غلمة كانوا معه ، وإن الغلام المقتول قاتل حتى قتل ، وكان قتل المتنبي يوم الاثنين لخمس بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.
قال الفرغاني : وحدثت أنه لما نزل المنزل الذي رحل منه فقتل جاءه قوم خفراء فطلبوا منه خمسين (٤٩ ـ ظ) درهما ليسيروا معه فمنعه الشح والكبر ، فأنذروا به ، فكان من أمره ما كان.
قال : وقيل بأنهم لما طلبوا منه الخفارة اعتذر في ذلك أن قال لهم :
لا أكذب نفسي في قولي (١) |
|
يذمّ لمهجتي سيفي ورمحي |
ففارقوه على سخط وأنذروا به وكان من أمره ما كان.
وقرأت في جذاذة طرس مطروح في النسخة التي وقعت إليّ بسماع جد جد أبي القاضي أبي الحسن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة من شعر المتنبي على محمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبي وفيها مكتوب بغير خط النسخة : المتنبي أبو الطيب أحمد بن الحسين ، عاد من شيراز من عند فناخسرو وابن العميد وزيره بأموال جزيلة ، فلما صار بالصافية من أرض واسط وقع به جماعة من بني أسد وغيرهم فقتلوه وخمس غلمان كانوا معه وولده ، وسلبوا المال ، وذلك في شوال من سنة أربع وخمسين وثلاثمائة ، وكان المتولي لقتله رجل منهم يقال له فاتك بن أبي جهل ، وهو ابن خالة ضبة الذي هجاه المتنبي ، وكان على شاطىء دجلة.
وسمعت والدي رحمه الله يقول لي : بلغني أن المتنبي لما خرج عليه قطاع الطريق ومعه ابنه وغلمانه أراد أن ينهزم ، فقال له ابنه : يا أبة وأين قولك :
__________________
(١) كذا بالاصل وهذا الشطر غير مستقيم الوزن وهو من الوافر ، وليس بالديوان المطبوع.