قال ابن خرزاد : فقلت لعلي : هذه موعظة الحلبي لك ، فعظني فقال لي : احفظ (٣٢ ـ ظ) وقتك واسخ بنفسك لله تعالى ، وانزع قيمة الأشياء عن قلبك يصفو لذلك سرك ، ويزكو بذلك ذكرك ، ثم أنشدني :
حياتك أنفاس تعد فكلما |
|
مضى نفس منها انتقصت به جزءا |
فتصبح في نقص وتمسي بمثله |
|
وما لك معقول تحسّ به رزءا |
تمسّك بما يحييك في كل ساعة |
|
ويحدك حاد ما يريدك الهزءا |
قال أبو محمد : قلت لأحمد : هذه موعظة علي لك ، فعظني فقال لي : يا أخي عليك بلزوم الطاعة وإياك أن تبرح من باب القناعة ، واصلح مثواك ، ولا تؤثر هواك واتبع آخرتك بدنياك ، واشتغل بما يعنيك بترك ما لا يعنيك ، ثم أنشدني :
ندمت على ما كان مني ندامة |
|
ومن يتبع ما تشتهي النفس يندم |
فخافوا لكيما تأمنوا بعد موتكم |
|
ستلقون ربا عادلا ليس يظلم (١) |
فليس لمغرور بدنياه زاجر |
|
ستندم إن زلّت النعل فاعلم |
قال القاضي أبو محمد بن رامش (٢) قلت لأبي محمد : هذه موعظة أحمد لك فعظني أنت فقال : اعلم رحمك الله ، إن الله جل ثناؤه ينزل العبيد حيث نزلت قلوبهم نحوها ، فانظر أين أنزلت قلبك ، واعلم أنّه يقرب القلوب على حسب ما قرب إليها ، فانظر من القريب من قلبك وأنشدني :
قلوب رجال في الحجاب تزول |
|
وأرواحهم فيما هناك حلول |
(٣٣ ـ و)
بروح نعيم الأنس في عز قربه |
|
بايراد توحيد المليك تجول |
لهم بفناء القرب من محض برّه |
|
عوائد بدل خطبهنّ جليل |
__________________
(١) في هذا البيت اقواء.
(٢) كذا بالأصل وأورده قبل قليل «رامين».