الميدان ، وأثبت منه كلما حلي وحلا وأشرف في منار الاحسان وعلا وراج في سوق القبول وغلا ، فمن ذلك قوله يصف الخليج يوم فتحه بالقاهرة :
خليج كالحسام له صقال |
|
ولكن فيه للرائي مسره |
رأيت به الصغار تجيد عوما |
|
كأنهم نجوم في المجره |
وقوله في غلام نحوي : (٣٠ ـ و)
وأهيف أحدث لي نحوه |
|
تعجبا يعرب عن ظرفه |
علامة التأنيث في لفظه |
|
وأحرف العلّة في طرفه (١) |
قلت : وكان لابن مماتي نكت مطبوعة ، ونوادر مستحسنة ، ومهاترات مستملحة ، فمن ذلك أن السلطان الملك الظاهر رحمه الله لما حرر قناة حلب وأجرى المياه في أزقتها وشوارعها وقف عليها وقفا ، واستخدم السديد محمد بن المنذر اليابري على مصالح القناة ، فسئل الأسعد بن مماتي يوما عن السديد بن المنذر ما هو فقال مجيبا في الحال للسائل : مستخدم على القناة.
أنبأنا عبد العظيم بن عبد القوي قال : وفي سلخ جمادى الأولى ـ يعني من سنة ست وستمائة ـ توفي القاضي الأجل أبو المكارم أسعد بن مهذب بن زكريا بن أبي مليح مماتي الكاتب المنعوت بالأسعد بحلب وهو ابن اثنتين وستين سنة ، سمع بالاسكندرية من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني ، وبالقاهرة من الفقيه أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي وغيرهما ، وحدث وجمع مجاميع وله شعر حسن ، وتقلب في الخدم الديوانية مدة ، رأيته فلم يتفق لي السماع منه ، وأنشدت عنه (٢).
توفي أسعد بن مماتي بحلب في سلخ جمادى الأول من سنة ست وستمائة ، ودفن بالقرب من تربة أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي قبليها بين الطريقين ،
__________________
(١) الخريده (قسم مصر) : ١ / ١٠.
(٢) التكمله لوفيات النقله : ٣ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠.