أنشدني أبو السعادات الموصلي قال : أنشدني أسفنديار لنفسه :
قد كنت مغرى بالزمان وأهله |
|
ولم أدر أن الدهر بالغدر دائل |
أرى كل من طارحته الودّ صاحبا |
|
ولكنه مع دولة الدهر مائل |
ورب أناس كنت أمحض ودهم |
|
وما نالني منهم سوى المزق طائل |
تعاطوا ولائي ثم حالوا سآمة |
|
وحال بني الأيام لا شك حائل |
وأعدم شيء سامه المرء دهره |
|
حبيب مصاف أو خليل مواصل |
أسادتنا قد كنت أحظى بإنسكم |
|
وأجني ثمار العيش والدهر غافل |
وما خلت أن البين يصدع شملنا |
|
ولا أنني عنكم مدى الدهر راحل |
وتا الله ما فارقتكم عن ملالة |
|
ولكن نبت بي بالمقام المنازل |
قطعت الفلا عنهنّ حتى أضعنني |
|
فأقفرن عن مثلي وهنّ أواهل |
وإني إذا لم يعل جدي ببلدة |
|
هدتني الى أخرى السرى والعوامل |
إذا الحرّ لم يظمأ لورد مكدر |
|
فلا بدّ يوما أن تروق المناهل |
سيعلم قومي قدر ما بان عنهم |
|
وتذكرني إن عشت تلك المعاقل |
قال لي أبو السعادات : وأنشدني أسفنديار لنفسه :
الدّهر بحر والزمان ساحل |
|
والناس ركب راحل ونازل |
كأنهم سيارة في مهمه |
|
مكاره الدهر لهم مناهل (٤٥ ـ و) |
أنبأنا أبو عبد الله بن الدبيثي قال : أسفنديار بن الموفق بن أبي علي البوشنجي الأصل ، الواسطي المولد ، البغدادي الدار ، أبو الفضل الكاتب الواعظ ، قرأ القران الحبيب بواسط بالقراءات الكثيرة على جماعة منهم أبو الفتح المبارك بن أحمد بن رزين الحداد ، ثم قدم بغداد واستوطنها ، وصحب الشيخ صدقة بن وزير وسمع معه بها من جماعة منهم : أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وأبو المعالي عمر بن بنيمان ، وأبو الأزهر محمد بن محمود بن حمود ، وقاضي القضاة أبو طالب روح بن أحمد الحديثي وغيرهم ، وتكلم في الوعظ مدة ، وتولى كتابة ديوان الانشاء في محرم سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، وصرف عنه في شهر رمضان