قال : وكان الاسكندر مؤمنا ، فبلغنا أنه لم يزل يقتل الملوك وأبناءهم والاشراف حتى دخل بابل ، فرأى أجسام أهل السواد وعقولهم فكتب الى أمه والى مؤدبه أرسطاطاليس يخبرهما أنه رأى قوما لم ير مثلهم ، فكتبا اليه : ان مثل هؤلاء لا يقتل ، ولكن كف عنهم ، ومزق ملكهم ، فبلغنا أن الاسكندر ملّك على السواد ثمانين ملكا ، وكذلك صنع بسائر البلاد ، وجعل على ملوك السواد جميعا رجلا ، وجعل على الجبال رجلا ، وعلى الروم رجلا ، وعلى المشرق رجلا.
قال : وبلغنا أن الاسكندر كان جوالا في البلاد لا دار له الا أنه لما قتل دارا الملك تزوج روستك ابنته وجلس على سريره ببابل ، وهدم حصون الفرس ومدنهم وبيوت النيران ، وأحرق دواوين دارا ، وقتل (٤٩ ـ ظ) الهرابذة (١) ، وأحرق كتب المجوسية.
قال : وبنى الاسكندر ملطيه ، ومات الاسكندر ببابل ، فطليت جثته بعسل وحمل الى الاسكندرية في تابوت ذهب فدفن ، وانما طلي بالعسل لأن لا ينتن ، وكان ملكه أربع عشر سنة ، ولم يعقب.
قال : وبنى الاسكندر الرومي الملك : مدينة سمرقند ، ومدينة هراة ، ومدينة مرو ، والاسكندرية التي بمصر ، وسرنديب التي على ساحل البحر ، ومدينة لروستك امرأته بناها ببابل ، وبنى ببابل أيضا مدينة أخرى ، وبنى حيّ مدينة أصبهان على تمثال حيّة ، ومدينة ملطية وهي بأرض اليونانيين ، وبنى مدينتين بأرض اليونانيين ، ومدينتين في موضع ، ولا نعلم أن أحدا من ملوك الطوائف بنى شيئا.
وقرأت في كتاب تواريخ الأمم تأليف أبي عبد الله حمزة بن الحسن الاصبهاني ، وذكر دارا بن دارا ، فقال : في زمان ملكه تحرك بأرض المغرب الاسكندر ، وكانت لملوك الفرس أتاوة على من بالمغرب من القبط ، والبربر ، ومن بالشمال من الروم والسّقلب ، ومن بالشام وفلسطين من الجرامقة والجراجم ، فلما استولى الاسكندر على الملك ، وورد عليه من قبل دارا من يتقاضاه الأتاواة قال : قولوا له : ان الدجاجة
__________________
(١) رجال الدين الزرادشت.