التي كانت الى الآن تبيض قد انقطعت عن البيض ، فصار ذلك سببا لالتحام الشرّ بين دارا والاسكندر حتى قتل فيه دارا ، وبنى ـ يعني دارا ـ فوق نصيبين (٥٠ ـ و) مدينة باسمه ، وسماها داران ، وقد بقيت الى الآن وهي تسمى دارا.
وقال : لما فرغ الاسكندر من قتل دارا واستولى على بلاد فارس أساء السيرة ، وأسرف في هراقة الدماء ، واجتمع في معسكره من وجوه الفرس وأشرافها سبعة آلاف أسير مقرنين في الاصفاد ، يدعو بهم كل يوم ، ويقتل منهم واحدا وعشرين أسيرا ، حتى بلغ كاشغر فأقام بها زميّناه ، ثم قفل راجعا نحو بابل ، فلما بلغ قومس مرض بها ، وتمادت به علته في طريقه ، فمات قبل أن يصل الى بابل ، وقد كان جعلها تلّ تراب.
قال : وفيما ولّده القصاص من الاخبار أنه بنى بأرض ايرانشهر اثنتي عشرة مدينة سماها كلها الاسكندرية ، واحدة بأصبهان ، وواحدة بهراة ، وواحدة بمرو ، وواحدة بسمرقند ، وواحدة بالصّغد ، وواحدة ببابل ، وواحدة بميسان ، وأربعا بالسواد ، وليس للحديث أصل ، لان الرجل كان مخربا ليس بنّاء.
وقال : لما فرغ الاسكندر من قتل الاشراف وذوي الاقدار من الفرس ، واستولى على تخريب المدن والحصون ، ووصل الى ما أراد ، كتب الى ارسطاطاليس اني وترت جميع من بالمشرق بقتلي ملوكهم ، وتخريبي معاقلهم وحصونهم ، وقد خشيت ان يتضافروا من بعدي على قصد بلاد المغرب ، فهممت ان اتتبع أولاد من قتلت من الملوك فأجمعهم والحقهم بآبائهم ، فما الرأي قبلك؟ فكتب اليه : انك أن قتلت أبناء الملوك أفضى الملك (٥٠ ـ ظ) الى السفل والانذال ، والسفل اذا ملكوا قدروا ، واذا قدروا طغوا وبغوا وظلموا واعتدوا ، وما يخشى من معرتهم أفظع ، والرأي تجمع أبناء الملوك فتملك كل واحد منهم بلدا واحدا ، وكورة واحدة من البلدان ، فان كل واحد منهم يشّاح الاخر على ما في يده ، فتتولد من أجله العداوة والبغضاء بينهم ، فيقع لهم من الشغل بأنفسهم ما لا يتفرغون عنه الى من نأى عنهم من أهل المغرب.
فعندها قسم الاسكندر بلاد المشرق على ملوك الطوائف ، ونقل عن بلدانهم