الجازري قال : أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي قال : حدثنا ابن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة.
وذكره أبو حاتم عن العتبي أيضا قال : كانت امرأة من الخوارج من الأزد يقال لها فراشة ، وكانت ذات نية في رأي الخوارج تجهز أصحاب البصائر منهم ، وكان الحجاج يطلبها طلبا شديدا فأعجزته ، فلم يظفر بها ، وكان يدعو الله أن يمكنه من فراشه ، أو بعض من جهزته (١) فمكث ما شاء الله ثم جيء برجل ، فقيل هذا ممن جهزته فراشه ، فخر ساجدا ثم رفع رأسه فقال له : يا عدو الله ، قال : أنت أولى بها يا حجاج ، قال أين فراشه؟ قال مرت تطير منذ ثلاث ، قال : أين تطير؟ قال : تطير ما بين السماء والارض (١٠ ـ و) قال : أعن تلك سألتك عليك لعنة الله ، قال ، عن تلك أخبرتك عليك غضب الله ، قال سألتك عن المرأة التي جهزتك وأصحابك ، قال : وما تصنع بها؟ قال : دلنا عليها ، قال : تصنع بها ما ذا؟ قال أضرب عنقها ، قال : ويلك يا حجاج ما أجهلك ، تريد أن أدلك وأنت عدو الله على من هو ولي الله «قد ضللت اذا وما أنا من المهتدين» (٢)! قال : فما رأيك في أمير المؤمنين عبد الملك؟ قال : على ذاك الفاسق لعنة الله ولعنة اللاعنين. قال : ولم لا أم لك؟ قال : انه أخطأ خطية طبقت ما بين السماء والأرض ، قال : وما هي؟ قال : استعماله اياك على رقاب المسلمين ، فقال الحجاج : ما رأيكم فيه؟ قالوا : نرى أن تقتله قتلة لم تقتل مثلها أحدا ، قال : ويلك يا حجاج جلساء أخيك كانوا أحسن مجالسة من جلسائك ، قال : وأي أخوتي تريد؟ قال فرعون حين شاور في موسى ، فقالوا : «أرجئة وأخاه» (٣) ، وأشار عليك هؤلاء بقتلي. قال فهل حفظت القرآن؟ قال وهل خشيت فراره فاحفظه! قال : هل جمعت القرآن؟ قال : ما كان متفرقا فأجمعه قال : أقرأته ظاهرا؟ قال معاذ الله بل قرأته وأنا اليه (٤). قال : فكيف تراك تلقى الله ان قتلتك؟ قال : ألقاه بعملي وتلقاه بدمي. قال : اذا أعجلك الى النار ، قال
__________________
(١) في الجليس الصالح : ١ / ٤٣٤ «أو من بعض من جهزته».
(٢) سورة الانعام. الآية : ٥٩.
(٣) سورة الاعراف ـ الآية : ١١١.
(٤) في الجليس الصالح : ١ / ٤٣٥ «وانا انظر اليه» وهو أقوم.