تستأصل الشأفة ، ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة (١) ، قال أنس : إياي يعني الأمير أصلحه الله؟ قال : اياك سك (٢) الله سمعك ، قال أنس : إنا لله وانا اليه راجعون ، والله لو لا الصبية الصغار ما باليت أي قتله قتلت ، ولا أي ميتة مت ، ثم خرج من عند الحجاج فكتب الى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ، فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضبا وصفق عجبا وتعاظمه ذلك من الحجاج ، وكان كتاب أنس بن مالك الى عبد الملك بن مروان :
بسم الله الرحمن الرحيم :
الى عبد الملك بن (١٢ ـ و) مروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك أما بعد :
فان الحجاج قال لي هجرا وأسمعني نكرا ، ولم أكن لذلك أهلا فخذ لي على يديه ، فاني أمت (٣) بخدمتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فبعث عبد الملك الى اسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وكان مصادقا للحجاج فقال له : دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد الى العراق ، فأبدأ بأنس بن مالك ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وادفع كتابه اليه وأبلغه مني السلام ، وقل له يا أبا حمزة قد كتبت الى الحجاج الملعون كتابا اذا قرأه كان أطوع لك من أمتك ، وكان كتاب عبد الملك الى أنس بن مالك :
بسم الله الرحمن الرحيم :
من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين الى أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد :
فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت من شكاتك للحجاج وما سلطته عليك ولا أمرته بالاساءة اليك ، فان عاد لمثلها فاكتب الي بذلك ، أنزل به عقوبتي وتحسن لك معونتي والسلام.
__________________
(١) ويروى «لاقلعنك قلع الصمغة» أي لاستأصلنك. النهاية لابن الاثير.
(٢) الاستكاك : الصمم ـ النهاية لابن الاثير.
(٣) المت : التوسل بحرمة أو قرابة. النهاية لابن الاثير.