قط الا كنت عليه في نفسي مقتدرا ، قال له الحجاج : إنا قاذفون بك في حائر (١) فيه أسد عاقر ضار ، فإن هو قتلك كفانا مؤونتك وان أنت قتلته خلينا سبيلك ، قال : أصلح الله الامير أعظمت المنة وأعطيت المنية وقربت المحنة ، فقال الحجاج : فانا لسنا بتاركيك لتقاتله الا وانت مكبل بالحديد ، فأمر به الحجاج فغلت يمينه الى عنقه ، وأرسل به الى السجن ، فقال جحدر لبعض من يخرج الى اليمامة : تحمل عني شعرا وأنشأ يقول :
ألا قد هاجني فازددت شوقا |
|
بكاء حمامتين تجاوبان |
تجاوبتا بلحن أعجمي على |
|
غصنين من غرب وبان (٢) |
فقلت لصاحبي وكنت أحزو (٣) |
|
ببعض الطير ما ذا تحزوان |
فقالا الدار جامعة قريب |
|
فقلت : بل أنتما متمنيان |
فكان البان ان بانت سليمى |
|
وفي الغرب اغتراب غير دان |
أليس الليل يجمع أم عمرو |
|
وايانا فذلك بنا تدان |
بلى وترى الهلال كما تراه |
|
ويعلوها النهار اذا علاني |
اذا جاورتما نخلات حجر |
|
وأودية اليمامة فانعياني |
وقولا جحدر أمسى رهينا |
|
يحاذر وقع مصقول يماني |
(٢٤ ـ ظ)
قال : وكتب الحجاج الى عامله بكسكر (٤) أن يوجه اليه بأسد ضارعات ، يجر على عجل ، فلما ورد كتابه على العامل امتثل أمره ، فلما ورد الاسد على الحجاج أمر به فجعل في حائر ، وأجيع ثلاثة أيام ، فأرسل الى جحدر فأتي به من السجن ويده اليمنى مغلولة الى عنقه ، وأعطي سيفا والحجاج وجلساؤه في منظرة لهم ، فلما نظر جحدر الى الاسد أنشأ يقول :
__________________
(١) أي في مكان مستدير عليه سور.
(٢) الغرب شجرة حجازية ضخمة شاكة. والبان الشجر أول ما ينبت.
القاموس.
(٣) الحزاء الذي يحزر الاشياء ويقدرها بظنه. النهاية لابن الاثير.
(٤) كورة كبيرة حدها من الجانب الشرقي في آخر سقي النهروان الى أن تصب دجلة في البحر. معجم البلدان.