ليث وليث في مجال ضنك |
|
كلاهما ذو أنف ومحك |
وشدة في نفسه وفتك |
|
أن يكشف الله قناع الشك |
فهو أحق منزل يترك |
فلما نظر اليه الاسد ، زأر زأرة شديدة ، وتمطى وأقبل نحوه ، فلما صار منه على قدر رمح ، وثب وثبة شديدة فتلقاه جحدر بالسيف فضربه ضربة ، حتى خالط لباب السيف لهواته ، فخر الاسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح ، وسقط جحدر على ظهره من شدة وثبة الاسد ، وموضع الكبول ، فكبر الحجاج والناس جميعا وأنشأ جحدر يقول :
يا جمل انك لو رأيت كريهتي |
|
في يوم هول مسدف وعجاج |
وتقدمي لليث أرسف موثقا |
|
كيما أثاوره على الاحراج |
شثن براثنه (١) كأن نيوبه |
|
زرق المعاول أو شباه زجاج |
يسمو بناظرتين تحسب فيهما |
|
لهبا احدهما شعاع سراج |
(٢٥ ـ و)
وكأنما خيطت عليه عباءة |
|
برقاء أو خرق من الديباج |
لعلمت أني ذو حفاظ ماجد |
|
من نسل أقوام ذوي أبراج |
ثم التفت الى الحجاج فقال :
ولئن قصدت بي المنية عامدا |
|
اني لخيرك بعد ذاك لراج |
علم النساء بأنني لا أنثني اذ |
|
لا يثقن بغيرة الأزواج |
وعلمت أني ان كرهت نزاله |
|
اني من الحجاج لست بناج |
فقال له الحجاج : ان شئت أسنينا عطيتك ، وان شئت خلينا سبيلك ، قال : لا بل أختار مجاورة الحجاج أكرمه الله ، ففرض له ولاهل بيته وأحسن جائزته.
قال القاضي : مسدف مظلم من السدفة ، والرسف مشي المقيد ، والبراثن مخالب الاسد ، والشبا والشباة حد الاسنة. قال أبو بكر : البرقاء التي فيها سواد وبياض (٢).
__________________
(١) شثن البراثن : غليظها وخشنها.
(٢) الخبر ليس في المطبوع من كتاب الجليس الصالح.