يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات ، والعذرات بعد الخترات ، والنزوة بعد النزوات ان بعثناكم الى ثغوركم غللتم وجبنتم ، وان أمنتم أرجفتم ، وان خفتم نافقتم ، لا يتذكرون نعمة ولا يشكرون معروف ، هل استخفكم (٢٩ ـ و) ناكث ، أو استغواكم غاو ، أو استفزكم عاص أو استنصركم ظالم أو استعضدكم خالع الا لبيتم دعوته وأجبتم صيحته ، ونفرتم اليه خفافا وثقالا وفرسانا ورجالا ، يا أهل العراق هل شغب شاغب ، أو نعب ناعب ، أو زفر زافر ألا كنتم اتباعه وأنصاره ، ألم تنفعكم المواعظ ، ألم تزجركم الوقائع ، ألم يشدد الله عليكم وطأته ، ويذقكم حر سيفه ، وأليم بأسه ومثلاته.
ثم التفت الى أهل الشام فقال : يا أهل الشام انما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ، ينفي عنها القذر ، ويباعد عنها الحجر ، ويكنها من المطر ، ويحميها من الضباب ويحرسها من الذئاب ، يا أهل الشام أنتم الجنة والرداء ، وأنتم الملاءة والحذاء ، أنتم الاولياء والانصار ، والشعار دون الدثار بكم يذب عن البيعة والحوزة وبكم ترمى كتائب الاعداء ، ويهزم من عاند وتولى (١).
أخبرنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور الدمشقي أذنا ولقيته بدمشق قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال : أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي وحدثني أبو اسحاق ابراهيم بن طاهر الخشوعي عنه ، قال : أخبرنا مشرف بن علي ابن التمار ، اجازة : قال : أخبرنا أبو خازم محمد بن الحسن بن محمد بن خلف بن الخضر قال : قرأت على محمد بن أحمد بن القاسم الضبي قال : حدثنا أحمد بن كامل ـ قراءة عليه ـ قيل له : حدثكم أبو العباس محمد بن يزيد المبرد ـ قال ابن كامل : وأنا أشك في سماعه ـ قال : حدثني التوزي في أسناد (٢٩ ـ ظ) ذكره وآخره عبد الملك بن عمير الليثي قال : بينا نحن بالمسجد الجامع بالكوفة وأهل الكوفة يومئذ ذووا حال حسنة ، يخرج الرجل منهم في العشرة والعشرين من مواليه ، أتانا آت فقال : هذا الحجاج قد قدم أميرا على العراق : فاذا به قد دخل المسجد متعمما بعمامة قد غطا بها أكثر وجهه متقلدا سيفا متنكبا قوسا يؤم المنبر ، فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر ، فمكث ساعة لا يتكلم ، فقال الناس بعضهم لبعض قبح الله بني أمية ،
__________________
(١) الخبر ليس بالمطبوع من كتاب الجليس الصالح.