حيث تستعمل مثل هذا على العراق ، فقال عمير بن ضابي البرجمي (١) : ألا أحصبه لكم؟ قالوا : أمهل حتى ننظر ، فلما رأى عيون الناس اليه ، حسر اللثام عن فيه ، ونهض فقال :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني |
والله يا أهل الكوفة اني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها ، واني لصاحبها كأني انظر الى الدماء بين العمائم واللحا.
هذا أوان الشد فاشتدى زيم |
|
قد لفها الليل بسواق حطم |
ليس براعي إبل ولا غنم |
|
ولا بجزار على ظهر وضم (٢) |
قد لفها الليل بعصلبي |
|
أروع خراج من الدوي (٣) |
مهاجر ليس بأعرابي |
||
قد شمرت عن ساقها فشدوا |
|
وجدت الحرب بكم فجدوا |
والقوس فيها وتر عرد (٤) |
|
مثل ذراع البكر (٥) أو أشد (٣٠ ـ و) |
اني والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بالشنان ولا يغمز جانبي كغمز التين ، ولقد فررت عن ذكاء وفتشت عن تجربة ، وان أمير المؤمنين نثر كنانته فعجم عيدانها فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا ، فرماكم بي لأنكم طال ما أوضعتم في الفتنة ، واضطجعتم في مراقد الضلال ، والله لاحزمنكم حزم السلمة ، ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل ، فانكم لكأهل «قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف» (٦) واني والله ما أقول إلّا وفيت ، ولا أهم الا أمضيت ولا أحلق الا فريت ، وان أمير المؤمنين أمرني
__________________
(١) سيقتله الحجاج بعد قليل.
(٢) الوضم : الخشبة أو البارية التي يوضع عليها اللحم ، تقيه من الارض.
النهاية لابن الاثير.
(٣) الدو : الصحراء التي لا نبات بها ، وأراد الحجاج هنا الفلوات وأنه صاحب أسفار ورحل ، فهو لا يزال يخرج من الفلوات ، ويحتمل أن يكون أراد به أنه بصير بالفلوات فلا يشتبه عليه شيء منها. النهاية.
(٤) العرد : الشديد من كل شيء. النهاية.
(٥) البكر : الفتى من الابل. النهاية.
(٦) سورة النحل ـ الآية : ١١٢.